الحوثي يلاحق المستثمرين في الحديدة وصنعاء وينهب أموالهم

يعاني المستثمرون اليمنيون، مثل غيرهم، من تداعيات الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي، حيث استهدفت هذه الحرب رأس المال مباشرة، مما أدى إلى هجرة جماعية لرؤوس الأموال إلى خارج البلاد.

فرض الحوثيون بيئة استثمارية طاردة، خاصة في المدن الكبرى مثل صنعاء والحديدة وتعز وإب، بهدف تمهيد الساحة لمستثمريهم وبناء اقتصاد موازٍ، فضلاً عن تمويل حربهم التي دخلت عامها الثاني. في يوليو/ تموز الماضي، وثقت “العين الإخبارية” تعرض خمسة مستثمرين لملاحقات حوثية، تمثلت في إغلاق مراكزهم التجارية وابتزازهم، وفرض وصاية تحت ذريعة الحماية، وذلك في محافظات إب وتعز وصنعاء.

إغلاق وابتزاز

في 20 يوليو/ تموز، أغلق الحوثيون مركز “ون مول”، أحد أكبر المراكز التجارية في محافظة إب، مما ألحق خسائر فادحة بالعديد من المستثمرين. جاء إغلاق المركز بعد اختطاف المليشيات المدير الإداري لـ”ون مول” وضابط أمنه وآخرين، ضمن ضغوطها الرامية لتوسيع الخلافات بين الشركاء ودفعهم للرحيل، ومن ثم الاستيلاء على المركز.

وفي 15 يوليو/ تموز، رفضت المليشيات السماح للمستثمر أحمد مهدي الحجري بافتتاح مشروعه الجديد لصالة مناسبات في الجراف بصنعاء، بهدف فرض شريك له بالقوة. كما أفادت مصادر إعلامية أن المستثمر فاروق الكندي أعلن عن قرب إغلاق سلسلة مطاعمه “الكندي للكباب البلدي” في صنعاء، بعد أن عطلت المليشيات مشروعه الجديد، مما كلفه خسائر تجاوزت 200 ألف دولار.

وفي تعز، اشتكت مجموعة الشيباني التجارية من محاولات الحوثيين السيطرة على مصنع “كميكو للطلاء والكيماويات”، رغم تقاضي المليشيات 200 مليون ريال يمني سنويًا (حوالي 373 ألف دولار) تحت ذريعة الحماية. تكشف هذه الحوادث عن الضغوط التي يتعرض لها رجال الأعمال والتجار، مما دفع البعض إلى الإفلاس، في حين فضل آخرون مغادرة اليمن.

تداخل الصلاحيات

في الحديدة، اشتكى المستثمر عبدالملك يحيى سهيل من “تعدد القرارات، وتفريخ الهيئات، وتداخل الصلاحيات”، معتبرًا أنها عوامل تربك المستثمر بدلاً من تشجيعه، وتغرقه بدلاً من أن تحتضنه. وكتب سهيل على حسابه في فيسبوك، مشيرًا إلى افتقار مناطق المليشيات “للحماية والأمان القانوني، وغياب وزارة الصناعة والتجارة عن العمل على جذب المستثمرين والدفاع عنهم، والتنسيق لحل مشاكلهم أمام بقية الوزارات والهيئات”.

وأكد أن “البيئة الاستثمارية تتآكل يومًا بعد يوم، وبدلاً من أن تكون محفزة، أصبحت طاردة، وبدلاً من أن يشعر المستثمر بأنه شريك في البناء، بات يشعر وكأنه خصم في معركة لا تنتهي”، في إشارة إلى الابتزازات الحوثية. وأوضح أن “القانون لم يكن يومًا قطع طريق أو إغلاق مصنع، بل هو منظومة تُنفذ لإجراءات تحفظ الحقوق وتؤمّن الطرقات وتُبقي عجلة الاقتصاد دائرة دون عبث أو انتقام”.

مستثمر آخر في مناطق سيطرة الحوثيين، فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لـ”العين الإخبارية” بحرقة عن تحول شمال وغرب اليمن إلى بيئة طاردة لرؤوس الأموال، مشيرًا إلى أن حلمه بفتح متجر صغير تبخر بسبب تعدد نهب الحوثيين للأموال. وأوضح أن رأس ماله تبخر بسبب تعدد مسميات النهب، منها “سوط الضرائب والزكاة، وصحة البيئة، والأشغال، وصندوق النظافة، والدفاع المدني، والصناعة والتجارة، والمواصفات والمقاييس”.

وأضاف أن القسم الثاني من رأس المال خُصص لتجهيز وتأثيث المحل، وإيجار سنة أو سنتين مقدمًا، بينما خُصص القسم الثالث للمرتبات وفواتير الكهرباء والماء وصيانة المحل للسنة التي تم دفع إيجارها. وأشار إلى أن “ما تبقى من المال خُصّص لمصاريف إغلاق المحل، وإغلاق الملفات التي فُتحت من اليوم الأول في الدوائر الحكومية الخاضعة للحوثيين”.

وأكد أن “البيئة ليست مهيّأة للاستثمار أبدًا، بل هي بيئة طاردة”، مشيرًا إلى تسرب الكثير من رؤوس الأموال إلى خارج اليمن. وقدّر خبراء حجم رؤوس الأموال التي غادرت اليمن منذ بدء حرب الحوثيين أواخر 2014 بأكثر من 40 مليار دولار، مشيرين إلى أنه “إذا تم استثمار هذا المبلغ داخل البلاد، لكان كفيلًا بإحداث تنمية حقيقية، وتوفير فرص عمل واسعة، وتحسين دخل المواطن، وزيادة إيرادات الدولة، وساهم في استقرار العملة”.

كيف لاحق الحوثي المستثمرين؟

وكشف مصدر خاص لـ”العين الإخبارية” عن تعدد أساليب الحرب الحوثية، خاصة منذ منتصف 2023، عندما بدأت المليشيات حربها على البيوت التجارية وكبار المستثمرين، وأرغمتهم على نقل أصولهم إلى قيادات حوثية بوثائق وتحت الإكراه، حيث نقلت ثلاث مجموعات تجارية أصولها وأرصدتها إلى قيادات في الجهاز الأمني للمليشيات. كما فرضت المليشيات بالقوة شركاء حوثيين على تجار في صنعاء، واستهدفت تقاسم عقارات وممتلكات مع الملاك الحقيقيين. بالإضافة إلى ذلك، فرضت ميليشيات الحوثي مشرفين على مصانع وخطوط الإنتاج التابعة للبيوت التجارية الكبيرة في الحديدة وتعز، تمهيدًا لوضعها تحت التصرف، ووضعت وصاية كاملة من خلال مراقبة كل عمليات الإنتاج والمبيعات وسجلات التعاملات مع الوكلاء داخل البيوت التجارية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *