
في مثل هذا اليوم، ومنذ 116 عامًا، وتحديدًا في صيف عام 1909، شهدت السويد واحدة من أبرز اللحظات في تاريخها الحديث، حيث اندلعت أحداث الإضراب العام الذي قادته المنظمة الاتحادية للعمل (LO) في 4 أغسطس/آب، وكان ذلك ردًا مباشرًا على إجراءات الإغلاق (Lockouts) التي اتخذها اتحاد أصحاب العمل السويدي (SAF) ضد آلاف العمال في قطاعات النسيج والأخشاب والصناعات الورقية.
بدأت الأزمة بعد الركود الاقتصادي الذي حدث في عام 1908، حيث سعت أرباب العمل لتقليص الأجور المفروضة على العمال، وفي إطار الضغط، قام SAF بإغلاق أماكن عمل نحو 80,000 عامل، مما دفع النقابات إلى تنظيم سلسلة من الإضرابات الجزئية، قبل أن تتخذ قرارًا بتوسيع نطاق المواجهة إلى إضراب عام شمل قطاعات صناعية ونقلية واسعة، حيث شارك فيه حوالي 300,000 عامل من أصل 500,000 كانوا يشكلون القوة العاملة السويدية في ذلك الوقت.
ممكن يعجبك: سعر الذهب اليوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025 بعد ارتفاع 30 جنيهًا في عيار 21 بالصاغة
الهدف من الإضراب
كان الهدف من هذا الإضراب هو حماية حقوق التفاوض الجماعي ومنع خفض الأجور القسري، لكن التحديات المالية والضغط الاقتصادي الكبير أديا إلى إنهاء الإضراب بعد أقل من شهر، في أوائل سبتمبر/أيلول، دون تحقيق أي مكاسب ملموسة، وأدت هذه الأحداث إلى خسائر فادحة للنقابات، حيث فقدت ما يقرب من نصف عضويتها، وتم فصل أكثر من 20,000 عامل، مما أجبر البعض على مغادرة البلاد أو الانسحاب من العمل النقابي لحماية مصدر رزقهم.
وعلى الرغم من الفشل الظاهري، فإن هذا الإضراب شكّل لحظة مفصلية في تاريخ الحركة العمّالية السويدية، حيث مهّد الطريق لاحقًا لتأسيس نموذج جديد للعلاقات الصناعية، يقوم على الحوار والتفاوض الجماعي بين النقابات وأرباب العمل، بعيدًا عن التدخل المباشر من الدولة، وتُوّج هذا النموذج باتفاقية Saltsjöbaden الشهيرة عام 1938، التي أرست دعائم السلم الصناعي في البلاد.
كما ساهم الإضراب في تغيير المشهد السياسي السويدي، حيث مهّد لصعود الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى الحكم عام 1932، مما ساعد على تأسيس دولة الرفاهية السويدية، التي اعتُبرت نموذجًا عالميًا في تلبية احتياجات الطبقة العاملة وضمان حقوقها الاقتصادية والاجتماعية.
مقال مقترح: زيارات رفيعة المستوى لجناح مصر في إكسبو أوساكا وفقًا لرئيس التمثيل التجاري
وبذلك، لم يكن إضراب 1909 مجرد احتجاج فاشل، بل كان لحظة تحوّل تركت أثرًا عميقًا في بنية المجتمع السويدي الحديث.
التعليقات