شكر خاص لمصر حكومة وشعبًا.. تفاصيل عودة السودانيين عبر القطار الثالث

من قلب محطة مصر، حيث تتجلى مشاعر الوداع والحنين للوطن، رصدت «بوابة مولانا» لحظات انطلاق الرحلة الثالثة لقطار العودة الطوعية للسودانيين، المتجه من القاهرة إلى أسوان ومنها إلى السودان عبر ميناء السد العالي النهري.

وسط الزحام والعيون المترقبة، لفت نظرنا رجل سوداني في منتصف العمر، يقف وحيدًا على الرصيف، عينيه تعكس مزيجًا من الحنين للعودة للوطن والرضا، اقتربنا منه، فقال: «أنا مش راكب النهاردة، بس جاي أوصل قرايبي وأودعهم، وهالحق بيهم الأسبوع الجاي إن شاء الله، بعد ما أولادي يخلصوا امتحاناتهم»

يتحدث الرجل بهدوء وامتنان، بينما يراقب عربات القطار الروسي المكيفة التي تستقبل الركاب السودانيين العائدين لوطنهم استعدادًا للانطلاق، مضيفًا: «أنا جيت مصر من سنتين، وكنت ساكن في المنصورة، الحياة هنا كانت أمان، ومعاملة المصريين لينا كانت طيبة، بس مشتاق أرجع لأرض الوطن»

ويتابع بابتسامة تعكس الامتنان: «مبادرة الرجوع المجاني لأرض الوطن مبادرة طيبة، وسهّلت علينا العودة دون عناء الطريق أو التكاليف، بشكر مصر على هذا الكرم»

هذا المشهد لم يكن استثنائيًا، بل تكرر على وجوه العشرات من المواطنين السودانيين العائدين إلى وطنهم الذين اصطفوا على رصيف العودة، يملؤهم الأمل في بداية جديدة على أرض الوطن، بعد رحلة من اللجوء المؤقت والكرم المصري.

إيمان الشيخ إدريس، امرأة سودانية تبلغ من العمر 35 عامًا، تحدثت لـ «بوابة مولانا» وهي تتهيأ للعودة إلى وطنها ضمن قطار العودة الطوعية، وقالت: «إحنا عيشنا في مصر والمصريين احترمونا وقدرونا، وفروا لنا كل شيء وكل متطلبات الحياة»

وأوضحت أنها قضت في مصر ثمانية أشهر، معظمها في مدينة بدر، حيث كانت تعمل في مصنع شوكولاتة، وأضافت: «أنا جيت مصر عن طريق التهريب، وكنت حابة أرجع بلدي من زمان، لكن لم يتوفر لدي القدرة المادية، ومبادرة العودة المجانية لأرض الوطن ساعدتني أرجع بلدي دون عناء، بشكر الدولة المصرية والحكومة والشعب على حسن الاستضافة»

وعن رأيها في الدعم المصري، قالت: «مصر وفرت لنا الأكل والمواصلات والعمل والمسكن، وما قصرتوا»

معمر عمر أحمد، مواطن سوداني دخل إلى مصر قبل سنة ونصف عبر التهريب من أسوان، قال في حديثه لـ «بوابة مولانا»: «مصر رعتنا وحمتنا، وشكرًا لمصر حكومة وشعبًا، وشكر خاص جدًا للرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكل شعب مصر»

وأضاف معمر، الذي كان يقيم في مدينة العاشر من رمضان: «المعاملة من المصريين كانت طيبة، فيهم كل الصفات الحلوة، والناس الطيبين فيهم كتير، وبوجّه تحية خاصة للصعايدة في مصر»

عن عمله خلال فترة إقامته، قال: «اشتغلت في مصنع سي إن سي نحاس كعامل، وكانت الأمور مستقرة طوال فترة الإقامة في مصر»

وبخصوص المبادرة، قال: «أنا حابب أرجع عشان أشارك في تعمير بلدي، وإن شاء الله نكون زيكم كده في مصر، والسنة الجاية نزور مصر سياحة، وتجونا أنتم كمان وتنورونا في أي وقت»

أبا بكر حمد الله، من سكان الخرطوم – شرق النيل، قال لـ «بوابة مولانا» خلال استقلاله قطار العودة الثالث: «جيت مصر قبل 7 أشهر، والمصريين رحبوا بينا، وناس مصر ناس حلوين وطيبين وأحسنوا استقبالنا، وتحية لمصر، وتحية للرئيس السيسي، وتحية للشعب المصري، وشكرًا على حسن الضيافة، والأمان خلال فترة الإقامة داخل الأراضي المصرية»

وأضاف: «نحن الآن في القطار رقم 3 من المبادرة للعودة لأرض الوطن، وهنتحرك من أسوان للخرطوم، ومن هناك الناس تمشي لكل أنحاء البلد، الرجعة ميسّرة، والسلطات المصرية ما قصّرت معانا، وتعاملوا معانا معاملة كويسة وحسنة، وشكرًا لمصر»

وعن المبادرة، قال: «القطار مجاني، والحمد لله، ومبادرة موفرة وجميلة، ونتمنى تستمر عشان يرجع باقي الناس لأهلهم إن شاء الله»

وأكد أبا بكر أنه كان يتمنى العودة إلى السودان لكن الظروف المالية كانت عائقًا، حيث قال: «المبلغ كبير جدًا، مع ارتفاع سعر الدولار، الفرد الواحد كان بيكلف حوالي 4 آلاف جنيه مصري، يعني ما يعادل 200 ألف سوداني، وده مبلغ ضخم جدًا بالنسبة للأسر، لأن أقل أسرة فيها 5 أشخاص، وده معناه محتاجين 20 ألف جنيه مصري عشان يرجعوا، وده كان صعب جدًا توفره أسرة واحدة مكونة من أب وأم وأبناء»

وقال مصدر مطلع لـ «بوابة مولانا» إن هناك احتمالًا لزيادة عدد قطارات العودة الطوعية للمواطنين السودانيين من القاهرة إلى أسوان، لتصبح قطارين أسبوعيًا بدلًا من قطار واحد، في ضوء الأعداد المتزايدة من الراغبين في العودة إلى السودان.

وأوضح المصدر أن القرار لا يزال قيد الدراسة، لكنه يأتي استجابة لتزايد الطلب وتيسيرًا على الأسر السودانية المقيمة في مصر، خاصة في ظل مجانية الرحلات وتوفير الدعم الكامل للركاب طوال خط السير.

وقد شهدت «بوابة مولانا» صباح اليوم الأحد 3 أغسطس 2025 انطلاق القطار الثالث المخصص لنقل المواطنين السودانيين ضمن برنامج العودة الطوعية، حيث غادر القطار رقم 1940 (درجة ثالثة مكيفة) محطة القاهرة الساعة 11:00 صباحًا، متجهًا إلى محطة السد العالي بأسوان، في رحلة مجانية، تمهيدًا للعبور إلى السودان عبر الميناء النهري، حيث يصل القطار إلى أسوان الساعة 23:00، ويعود القطار نفسه برقم 1945 من أسوان إلى القاهرة للركاب ليصل في اليوم التالي إلى القاهرة