
أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تنفيذ تسويات مالية وسياسات قانونية صارمة أثرت على كبرى الجامعات وشرائح واسعة من المهاجرين، مما اعتبره المراقبون تهديداً مباشراً لاستقلالية التعليم وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، ويرى الخبراء أن هذه الإجراءات تمثل تحولاً جذرياً في علاقة السلطة الفيدرالية بالمجتمع المدني، وسط اتهامات باستخدام سلطات الدولة لـ«إخضاع» المؤسسات،
وبعد مواجهة استمرت لعدة أشهر، وافقت جامعة كولومبيا في نيويورك على دفع 221 مليون دولار لتسوية قضايا رفعتها إدارة ترامب ضدها بدعوى عدم التصدي لمعاداة السامية في الحرم الجامعي، خاصة خلال المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين العام الماضي، وقد أكدت الجامعة أن الاتفاق «يصون استقلالها الأكاديمي وصلاحياتها الإدارية»، إلا أن النقاد اعتبروا ذلك خضوعاً للضغوط السياسية،
ووصف أستاذ القانون في كولومبيا ديفيد بوزن التسوية بأنها «ابتزاز مقنّع بغطاء قانوني»، مشيراً إلى أنها تأتي في إطار «هجوم استبدادي أوسع على المجتمع المدني»، وأكد أن هذا الاتفاق يمثل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى تدخل حكومي مباشر في سياسات التوظيف والقبول والبرامج التعليمية،
ومن جهته، أعرب رئيس المجلس الأمريكي للتعليم تيد ميتشل عن قلقه من «اضطرار الجامعات إلى التنازل لتجنب العقوبات»، بينما أشار أستاذ السياسات العامة في جامعة هارفرد ستيفن ليفيتسكي إلى أن ما حدث مع كولومبيا «قد يكون له عواقب كارثية على الحرية الأكاديمية والديمقراطية الأمريكية»،
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة ترامب تخطط لتسوية مشابهة مع جامعة هارفرد قد تصل إلى 500 مليون دولار، بينما قررت الجامعة الأخيرة الطعن قضائياً في الإجراءات الفيدرالية، على عكس موقف كولومبيا، وتواجه جامعات أخرى، مثل براون وبنسلفانيا، ضغوطاً مماثلة دفعت بعضها للتخلي عن سياسات التنوع أو فرض قيود على مشاركة فئات محددة في الأنشطة الطلابية،
بالتزامن مع هذا التصعيد، زادت الإدارة من إجراءاتها ضد المهاجرين، حيث ألغت الشهر الماضي وضع الحماية المؤقتة لأكثر من 51 ألف هندوراسي وثلاثة آلاف نيكاراغوي، بالإضافة إلى آلاف من نيبال، الذين حصلوا على هذا الوضع بعد كوارث طبيعية في بلدانهم، وأكدت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم أن «الحماية المؤقتة صُممت لتكون مؤقتة فقط»، مشيرة إلى أن الظروف في تلك الدول تسمح بعودة مواطنيها،
ومع ذلك، أوقفت قاضية فيدرالية في كاليفورنيا، ترينا تومسون، القرار مؤقتاً في انتظار جلسة استماع مقررة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، معتبرة أن الإلغاء «لم يستند إلى مراجعة موضوعية»، وقد يكون مدفوعاً بـ«العداء العنصري»، خصوصاً في ضوء تصريحات ترامب السابقة التي وصف فيها المهاجرين بأنهم «يسمّمون دماء البلاد»، وأكدت القاضية في حكمها أن «اللون ليس سماً ولا جريمة»،
وتضاف هذه القضية إلى سلسلة من القرارات التي طالت مهاجرين من أفغانستان والكاميرون وهايتي وفنزويلا، والتي تشهد أيضاً طعوناً قضائية، ويعتبر الخبراء أن التحركات الأخيرة تُنذر بتراجع الحريات وتكريس سياسات التمييز، وسط تزايد الأصوات المطالبة بموقف موحد لمؤسسات التعليم والمجتمع المدني في مواجهة ما يوصف بأنه «منحى استبدادي متسارع» داخل الدولة الأمريكية.
شوف كمان: إخلاء 3000 شخص من سكان نيوجيرسي بسبب حريق غابات سريع الانتشار
اقرأ كمان: إسرائيل ترد بقوة على منع أمستردام دخول بن غفير وسموتريتش.. تعرف على ما قالته سفيرة هولندا!
التعليقات