
أثارت تصريحات مثيرة للجدل من الممرضة ذات الأصول المغربية، باسيما حياة سعيد، ضجة كبيرة في الأوساط الطبية في هولندا، حيث شاركت سلسلة من المنشورات على حسابها في «إنستجرام» تحمل تهديدات صريحة وغير مقبولة ضد المرضى، ما أثار غضبًا واسعًا في المجتمعات الأوروبية ومناطق الاحتلال.
تم الكشف عن هذه التصريحات من قبل الناشط الإسرائيلي ماكس ويبر، الذي يراقب عن كثب مظاهر معاداة السامية في المؤسسات الطبية، حيث نشر في 30 يوليو الماضي محتوى يتضمن قول الممرضة بنبرة ساخرة: «أتعلمون ما أفعله مع الصهاينة؟ أعطيهم حقنة إضافية كممرضة متخصصة، وأدعهم يذهبون إلى الجنة»، وتابعت في منشور آخر: «يمكن لجميعهم أن يموتوا داخل نظام الرعاية الصحية في هولندا وخارجه، ويسعدني المساعدة في ذلك».
اقرأ كمان: ميناء سكيكدة يفتح أبواب منطقة الفسحة الجمركية الجديدة للخدمات
على الفور، قامت السلطات الهولندية بفتح تحقيق رسمي عبر هيئة تنظيم مهنة التمريض المعروفة باسم «BIG Register»، وسط مطالب متزايدة بإلغاء ترخيص الممرضة وإبعادها عن التعامل مع المرضى بشكل نهائي، وقد عبر ويبر عن استنكاره الشديد لتلك التصريحات، قائلًا: «تخيلوا أن أجدادكم يتلقون الرعاية من ممرضة تنوي قتلهم، هذا انتهاك فاضح لأخلاقيات المهنة».
نتيجة للحشد الإعلامي الذي شهدته القضية، اعتقلت الشرطة الهولندية الممرضة باسيما يوم الأربعاء الماضي في مدينة «دريبرجن» وبدأت استجوابها، بينما أنكرت التهم الموجهة إليها، مدعيةً أن شخصًا انتحل هويتها هو من كتب تلك المنشورات، وهي رواية تعاملت معها السلطات بحذر، خاصةً أن الحسابات المرتبطة بها كانت قد نشرت سابقًا منشورات مشابهة، من بينها واحدة تعود لأغسطس الماضي تقول للصهاينة: «سيأتي دوركم، لن نرحم أحدًا»، وأخرى تصف دفن المدنيين الإسرائيليين في غزة بـ«الحلم المتحقق».
اقرأ كمان: تشيلسي يسعى لضم نجم الجزائر في ميركاتو الصيف 2023
الممرضة ذات الأصول المغربية، باسيما حياة سعيد.
تتزامن هذه القضية مع تصاعد التوترات الدولية بسبب الحرب المستمرة بين وحركة حماس، حيث تشهد منصات التواصل الاجتماعي تصعيدًا حادًا في الخطاب العنصري والتحريضي، ومع زيارة أكثر من 621 ألف إسرائيلي لأوروبا في عام 2024 وحده، وفقًا لوزارة السياحة الإسرائيلية، فإن تلك التهديدات أثارت قلقًا واسعًا، لما تحمله من تبعات على أمن المسافرين الإسرائيليين وسلامة الجاليات اليهودية في دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، بدأت القصة حين علّقت باسيما على منشور حول ما يُزعم بأنه «أسلمة هولندا المتطرفة»، وردّت على تعليق لامرأة إسرائيلية تُدعى ليتل فان ستينبرجن قائلة: «لا شيء لكِ، أجدادي بنوا هولندا وأنا سأبذل قصارى جهدي للتخلص من السرطان الصهيوني»، مهددةً بعد ذلك باستخدام عملها كممرضة لـ«تصفية الصهاينة».
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها الناشط الإسرائيلي ماكس ويبر عن ممارسات عنصرية في القطاع الصحي، ففي وقت سابق من هذا العام، وتحديدًا في فبراير الماضي، نشر تسجيلًا لمحادثة مصورة عبر تطبيق دردشة، ظهر فيها ممرض وممرضة من مستشفى «بانكستاون» الأسترالي، يعلنان نيتهما رفض علاج المرضى، بل ويهددان بقتلهم، مما أثار موجة من الغضب الرسمي والشعبي في ذلك الوقت.
وقد أوقفت السلطات الأسترالية الممرضَين عن العمل فورًا، وجمعت الشرطة أدلة من كاميرات المراقبة وأجرت مقابلات مع الموظفين في المستشفى، بينما تم تعديل سجلات هيئة المهن الصحية الأسترالية ليُمنعا من العمل في هذا القطاع داخل البلاد.
الممرضة ذات الأصول المغربية، باسيما حياة سعيد.
على الرغم من أن تصريحات الممرضة تمثل خرقًا مرفوضًا لأخلاقيات المهنة، إلا أن الرأي العام العربي تفاعل مع القصة من زاوية مختلفة، حيث اعتبر البعض تلك التصريحات تعبيرًا عن حالة الغليان في الشارع الإسلامي تجاه السياسات الإسرائيلية، خاصةً في ظل الحرب المستمرة والحصار في غزة، ومع ذلك يبقى موقفها غير مبرر أخلاقيًا ومهنيًا، مهما كانت دوافعه السياسية أو النفسية.
المفارقة أن هذه التصريحات صدرت من ممرضة مسلمة، في قلب النظام الصحي الأوروبي الذي لطالما تباهى بقيم الحياد والعدالة والمساواة، مما يطرح تساؤلات جدية عن مدى التزام المؤسسات الغربية بهذه المبادئ حين يكون الغضب موجهًا ضد إسرائيل تحديدًا، وفقًا لتحليل موقع «j feed» الإسرائيلي.
حتى الآن، لا تزال التحقيقات مستمرة، والممرضة رهن الاستجواب، بينما لم تُصدر السلطات الهولندية حكمًا نهائيًا بحقها، لتتحول القضية إلى رمز لصراع أكبر يدور بين السياسة والانتماء، والهوية داخل مهنة يفترض بها أن تبقى فوق كل الانقسامات.
التعليقات