مشروع جيل المستقبل.. عادل عزام يكتب عن قيمة الأدب في الرياضة

ساعدتني ظروف العمل على الاقتراب من تدريبات منتخب مصر للناشئين تحت 17 سنة لعام 2008، الذي يقوده الكابتن أحمد الكاس، وهو يستعد للمونديال القادم خلال أشهر قليلة. لقد لمست خلال الأيام التي قضيتها في مركز المنتخبات الوطنية ما يدعو للتفاؤل بما هو قادم، ولا أعني هنا مجرد تحقيق مكاسب لحظية في كأس العالم – نعم هذا تمنٍ – ولكن الأمر أكبر وأشمل من ذلك بكثير.

الكابتن الكاس وفريقه الفني والإداري يعملون على مشروع متكامل لجيل كرة قدم مصري يمتلك الكثير من القدرات والإمكانيات، حيث يسعون لصنع جيل من اللاعبين الدوليين وتجهيزه للكرة المصرية من جميع النواحي الفنية والبدنية والسلوكية لتحمل المسؤولية في المستقبل. المشروع وفق رؤية الكاس وجهازه المعاون لا يقتصر على المشاركة في بطولة عالم أو غيرها، بل يهدف إلى تجهيز حوالي 60 لاعباً ليكونوا نواة قوية للكرة المصرية في السنوات المقبلة، حيث وجدت المنتخب القوام الرئيسي الذي سيشارك في القادم، ومعهم في حسابات الجهاز الفني، مما يعني أن هناك ثلاثة منتخبات تقريباً يعمل معهم الجهاز الفني خلال المعسكرات المختلفة ليكونوا جميعاً مؤهلين لحمل راية الفراعنة مستقبلاً.

أجمل ما في فكرة صنع جيل دولي متكامل من خلال منتخب 2008 أنها تضم لاعبين من مصريي الداخل والخارج، حيث رأيت من جاءوا من إسبانيا وإيطاليا والإمارات وغيرها، ومن الداخل تكاد تكون معظم الأندية المحلية ممثلة على مختلف الدرجات، كفاءات شابة واعدة من هنا وهناك تحلم بالمستقبل، والجهاز الفني منحها الفرصة المناسبة، والمكاسب عديدة للجميع مهما كانت صعوبات الحضور من الخارج على البعض.

تحدث معي أولياء أمور قدموا مع أولادهم من أوروبا وغيرها بسعادة عن الفرصة، شعروا من خلال التجربة أنهم غير منسيين من بلدهم، وأن أبناءهم في حسابات موطنهم الأصلي مهما حملوا من جنسيات، أشادوا بالتجربة فنياً وإدارياً، وشددوا على أنهم على أتم الاستعداد لتكرار الحضور أكثر من مائة مرة لمكاسبها الفنية، مهما كانت المشقة والتكلفة عليهم، ونفس الأمر مع أولياء أمور لاعبي الداخل ممن أشادوا كثيراً بالتطور الفني والذهني الملحوظ في مستوى أولادهم خلال فترة المعسكر.

في المشروع الكروي للكاس، الأدب فضلوه عن اللعب، حيث يتم العمل على غرس قيم ومبادئ أخلاقية وسلوكية في اللاعبين، قال لي الكاس عنها إنها الباقية طول العمر، تذهب الكرة ويبقى السلوك منظماً لحياة من سيحملون علم مصر يوماً للدفاع عن اسم بلدهم أمام العالم، ولا مشكلة عندي في التضحية بأي لاعب ما دام سلوكه لا يتماشى مع هدفنا.

والحقيقة في تفصيل الكلام أنه قول وعمل وفق دقة وخطة عمل فنية وإدارية وتربوية منظمة، لصنع جيل كامل من اللاعبين الدوليين، وفي الفكرة هناك ما يستحق ذكره مع جهاز فني متفاهم، حيث النظام والدقة من وليد مهدي مدير المنتخب، والعمل المميز من جميع أعضاء الجهاز محمد إبراهيم وأحمد فوزي ومحمد الصايغ وعبدالرحمن عيسى وعمرو طه ومحمد الششتاوي ومحمد السيد وشريف نعيم، كل منهم يعرف دوره جيداً ولا يخرج عنه، ويعملون بلا كلل أو ملل للخروج بأفضل النتائج، وقبل كل ذلك يغلف الصورة الجميلة متابعة فنية مستمرة من الكابتن علاء نبيل المدير الفني للاتحاد، وزيارات ميدانية من الدكتور مصطفى عزام المدير التنفيذي للجبلاية، الذي لم يبخل في الوجود يومياً داخل مركز المنتخبات للاطمئنان على سير العمل وتوفير الإمكانيات للجهاز الفني واللاعبين.

ومسك الختام، تلك اللوحة الرائعة التي جمعت الجهاز الفني واللاعبين في آخر أيام المعسكر، والتي رسمها أحمد الكاس بكلمات زادت من معنويات اللاعبين، وأنقل منها جميعكم أولادنا، فخورون كجهاز فني بالمستوى الذي ظهرتم به، نحن الآن نملك مجموعة مميزة من اللاعبين، رغبتهم الكبيرة في التطوير أسعدتنا، وتمنحنا الشجاعة على تكرار التجربة، الفرصة أمامكم جميعاً لتمثيل بلدكم، ولن نبخل كجهاز فني بالكامل في التواصل معكم ومع أنديتكم وأجهزتكم الفنية بالداخل والخارج في أي لحظة للاطمئنان عليكم، والعمل على حل أي مشكلات قد تواجهكم.

نعم، التجربة بشكل عام تقول إننا أمام شيء مختلف، نواة صغيرة تستحق الرعاية من الجميع حتى تحقق الهدف، القدرات البشرية من مدربين ولاعبين متوافرة، وعلى اتحاد الكرة تنميتها، والصبر عليها دون ربطها بالبطولات حتى تحقق الهدف، ونرى منها أكثر من خريج دولي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *