كيف غيّر البوتاس مسار الابتكار الاقتصادي في أمريكا مع أول براءة اختراع؟

في فترة مبكرة من تاريخ الولايات المتحدة، عندما كانت الدولة لا تزال تتلمس خطواتها الأولى كدولة مستقلة، شهدت لحظة تاريخية هامة في مسيرتها العلمية والاقتصادية، حيث وُلد نظام جديد يهدف إلى حماية العقول المبتكرة.

في 31 يوليو/تموز عام 1790، تم تسجيل أول براءة اختراع في تاريخ الولايات المتحدة باسم المخترع صموئيل هوبكنز، حيث قدم من خلالها طريقة جديدة لتحسين صناعة البوتاس، وهي مادة كانت تُعتبر حيوية في ذلك الوقت، تُستخدم في الزراعة والصناعة وصناعة الصابون والزجاج.

ووفقًا للموقع الرسمي لمكتب توثيق براءات الاختراع الأمريكي، فإن هذه البراءة لم تكن مجرد وثيقة، بل كانت بمثابة إعلان عن دخول البلاد عصرًا جديدًا يقدّر الابتكار ويضع الأسس القانونية التي تدعم حقوق المخترعين وتحميهم.

في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل تلك القصة الملهمة، كما سردها الموقع الرسمي لمكتب توثيق براءات الاختراع الأمريكي، بالإضافة إلى ملامح المخترع الذي يحمل الرقم (1) في سجل براءات الاختراع الأمريكي.

قانون براءات الاختراع

بعد استقلال الولايات المتحدة عام 1776، كان من الضروري تنظيم حماية حقوق المخترعين، مما أدى إلى إصدار أول قانون أمريكي لبراءات الاختراع في 10 أبريل/نيسان 1790، والذي وقعه الرئيس جورج واشنطن.

هذا القانون منح الحق لأي مخترع بتقديم طلب للحصول على حماية قانونية لاختراعه، بشرط أن يكون جديدًا ومفيدًا.

ومن المثير للاهتمام أن الجهة المسؤولة عن منح البراءات في ذلك الوقت لم تكن مكتبًا حكوميًا كما هو الحال اليوم، بل كانت لجنة تضم الرئيس نفسه ووزير الخارجية ووزير الحرب، مما يعني أن الموافقة على أي براءة كانت تأتي من أعلى سلطة في البلاد.

31 يوليو 1790 وتوثيق أول براءة اختراع

في ذلك اليوم التاريخي، حصل صموئيل هوبكنز، الذي كان يقيم في فيلادلفيا، على أول براءة اختراع أمريكية، وكان اختراعه عبارة عن طريقة محسّنة لإنتاج مادة البوتاس (Potash)، وهي أحد أشكال كربونات البوتاسيوم التي تُستخدم في تسميد التربة وصناعة الزجاج والصابون.

قدّم هوبكنز وصفًا علميًا لطريقته الجديدة، التي تعمل على تحسين استخراج هذه المادة من رماد الخشب، عبر عملية أكثر كفاءة وأقل تكلفة.

البراءة، التي وُقّعت من قبل الرئيس جورج واشنطن، حملت الرقم التسلسلي الأول، لكنها لم تكن تحمل رقمًا رسميًا في ذلك الوقت، حيث لم يبدأ النظام الرقمي لتتبع البراءات إلا لاحقًا.

ومع ذلك، يؤكد المؤرخون والمكتب الأمريكي للبراءات والعلامات التجارية (USPTO) أنها كانت أول براءة اختراع أمريكية مُسجلة رسميًا.

من هو صموئيل هوبكنز؟

صموئيل هوبكنز لم يكن مخترعًا مشهورًا أو رجل أعمال ثري، بل كان حرفيًا مهتمًا بالكيمياء الزراعية.

وُلد في ولاية فيرمونت، وعاش فترة في بنسلفانيا، وما يميزه أنه أول أمريكي يحصل على براءة اختراع في ظل الدستور الجديد، كما حصل في نفس العام على براءة من ولاية فيرمونت، التي كانت تمنح براءات بشكل مستقل قبل انضمامها للاتحاد الأمريكي.

مستقبل الابتكار الأمريكي

بصدور الوثيقة الأولى، أطلقت براءة هوبكنز شرارة نظام الابتكار الأمريكي، الذي تطور سريعًا ليصبح أحد المحركات الاقتصادية الرئيسية في البلاد.

بعد ذلك، توالت عمليات توثيق البراءات، ووصل عدد البراءات في العقود اللاحقة إلى مئات الآلاف.

واليوم، تجاوز عدد براءات الاختراع الأمريكية المسجلة أكثر من 11 مليون براءة، يعود أولها إلى رجل صنع التاريخ بتوليفة كيميائية فريدة.