
إلزام المركبات الجديدة بجهاز قياس كحول وصندوق أسود
تسعى حكومة حزب العمال في بريطانيا إلى تعديل قوانين سلامة السيارات لتتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي، حيث تتضمن هذه التعديلات إلزام السيارات الجديدة بتثبيت أجهزة تحليل الكحول ومسجلات بيانات الحوادث، مما أثار جدلاً واسعًا حول استقلالية التشريعات بعد البريكست.
رغم أن الحكومة تروج لهذه الخطوة كوسيلة لتقليل التكاليف وتعزيز التجارة، فإنها أثارت مخاوف سياسية حول العودة التدريجية إلى سيطرة الاتحاد الأوروبي، حيث اعتبر مؤيدو البريكست أن هذه الإجراءات تمثل تراجعًا عن الاستقلالية التشريعية.
مقال له علاقة: سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 14 أبريل 2025 في منتصف اليوم المالي
أفادت وزارة النقل البريطانية بأنها أبلغت شركات تصنيع السيارات بنيتها الالتزام بما يُعرف بـ “افتراض التوافق الواضح” مع قوانين الاتحاد الأوروبي، مما يعني أن المصنعين لن يحتاجوا إلى إنتاج سيارات بمعايير مختلفة للأسواق البريطانية والأوروبية، وهو ما قد يسهم في تقليل التكاليف.
وفقًا لتقرير من صحيفة “التليغراف”، تأتي هذه الخطوة كجزء من توجه أوسع لتقليل الحواجز التجارية مع أوروبا، خاصة في قطاع يعتمد بشكل كبير على التصدير، بعد اتفاق “إعادة الضبط” بين الحكومة البريطانية وبروكسل في مايو/أيار، والذي شمل التوافق مع قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بصحة النباتات والحيوانات.
اقرأ كمان: سعر الذهب اليوم يشهد ارتفاعًا بـ 5 جنيهات وعيار 21 يصل إلى 4620 جنيها للجرام
الصندوق الأسود
منذ يوليو/تموز 2023، فرضت القوانين الأوروبية على جميع السيارات الجديدة تركيب واجهة تسمح بتثبيت نظام قفل يعتمد على تحليل النفس (breathalyser)، مما يمنع تشغيل السيارة إذا لم يتجاوز السائق اختبار الكحول، كما تنص اللوائح الجديدة (GSR2) على ضرورة تركيب مسجلات بيانات الحوادث (EDRs) التي تعمل كالصناديق السوداء في الطائرات، حيث تسجل بيانات مثل السرعة قبل الاصطدام، بالإضافة إلى أنظمة تحذير من النعاس (DDAW) التي تراقب حالة السائق وتنبهه عند ظهور علامات النعاس.
على الرغم من أن وزارة النقل البريطانية لم تعتمد بعد رسميًا واجهة نظام قياس الكحول، إلا أن المراقبين يرون أن هذا قد يتغير قريبًا، حيث يُطبق نظام GSR2 حاليًا على جميع السيارات المباعة في إيرلندا الشمالية، التي لا تزال تخضع لكثير من قواعد الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاق البريكست لتجنب وجود حدود مادية مع جمهورية أيرلندا.
وصرح متحدث باسم الحكومة بأن “الاختلافات بين القوانين البريطانية والأوروبية بعد البريكست أدت إلى إنتاج بعض السيارات خصيصًا للسوق البريطانية، مما يزيد من التكاليف التي يتحملها المستهلك في النهاية، لذا نفكر في التوافق لتقليل الأسعار.” وأكدت الحكومة أنها تقوم بتقييم كل تغيير تنظيمي من حيث تأثيره على السلامة العامة والتكاليف، حيث قامت بالفعل بتعديل القانون البريطاني ليتماشى مع لوائح بروكسل بشأن أنظمة الاتصال التلقائي بالطوارئ (e-call) التي تُفعّل تلقائيًا في حال وقوع حادث.
كما بدأت الحكومة أيضًا في إعداد الإطار القانوني لتركيب أجهزة قياس الكحول، دون أن تجعل استخدامها إلزاميًا حتى الآن، ورغم عدم إلزامية النظام في بريطانيا، فإن العديد من المصنعين يثبتونه بالفعل نظرًا لأن سياراتهم مخصصة أيضًا للأسواق الأوروبية.
جدل سياسي
وفي هذا السياق، علق مايك هاوس، الرئيس التنفيذي لجمعية مصنّعي وتجار السيارات البريطانية، بأن القطاعين البريطاني والأوروبي مترابطان بشكل عميق، وأن التوافق التنظيمي يدعم الإنتاج الفعال ويخفض التكاليف على المستهلكين، بينما يرى المعارضون، بما في ذلك بعض الساسة ومؤيدي البريكست، أن هذه الخطوة تمثل تراجعًا تدريجيًا عن الاستقلال التشريعي.
وقال السير إيان دنكان سميث، زعيم حزب المحافظين الأسبق: “يتم تمرير هذا التغيير بهدوء عبر أدوات تشريعية لا تُناقش في البرلمان، إنها خطة ممنهجة للعودة شيئًا فشيئًا نحو الاتحاد الأوروبي.” كما أضاف أن مثل هذا التوافق مع قواعد الاتحاد “المشددة” قد يجعل السيارات أكثر تكلفة ويُعقّد التفاوض على اتفاقيات تجارية مع دول كبرى منتجة للسيارات مثل الولايات المتحدة.
أما مارك فرانسوا، رئيس مجموعة الأبحاث الأوروبية داخل حزب المحافظين، فقد قال: “مهما حاولوا تبرير الأمر، هذا خضوع فعلي لقوانين الاتحاد الأوروبي، وقطاعنا في وضع هش أصلًا بسبب إغراق السوق بالسيارات الكهربائية الصينية، وآخر ما نحتاجه هو مزيد من الأعباء التنظيمية.”
التعليقات