عمالقة الدفاع الفرنسي في مرمى حرب إلكترونية.. كيف أصبحت أهدافًا سهلة للتهديدات السيبرانية؟

عاصفة سيبرانية تضرب “Naval Group”

تم تحديثه الأربعاء 2025/7/30 04:12 م بتوقيت أبوظبي

أشار خبير في الأمن السيبراني إلى أن فرنسا تواجه تصعيدًا إلكترونيًا مقلقًا يستهدف صناعاتها الدفاعية الحيوية، وآخر ضحايا هذه الهجمات هي مجموعة Naval Group، العملاق المتخصص في بناء السفن والغواصات الحربية، مما يثير القلق حول الأمن السيبراني في البلاد.

ممكن يعجبك: سعر الذهب اليوم الإثنين يرتفع في ختام التعاملات وعيار 21 يصل إلى كم؟

وفي حادثة قد تضر بسمعة المؤسسة أكثر من تهديد بياناتها، زُعم أن قراصنة استولوا على تيرابايت من المعلومات الحساسة، مما أثار مخاوف أمنية وسيادية متزايدة في باريس، وفي تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، قال خبير الأمن السيبراني الفرنسي فريد تيمسيماني إن هذه الهجمات لم تعد مجرد اختراقات، بل أصبحت أدوات تأثير جيوسياسي تستهدف العمود الفقري التكنولوجي والعسكري لفرنسا.

هجوم إلكتروني جديد: تسريب أم حملة تشويه؟

في ليلة 22 إلى 23 يوليو/تموز، أعلن قراصنة عبر تطبيق تليغرام أنهم تمكنوا من سرقة تيرابايت من بيانات Naval Group، الشركة الرائدة في تصنيع الفرقاطات والغواصات العسكرية، وقد بدأوا بالفعل في تسريب كميات متفرقة من هذه البيانات على الإنترنت، حيث تم تسريب 13 غيغابايت في 23 يوليو/تموز، ثم 6 غيغابايت أخرى في 25 يوليو/تموز.

وقد منح الهاكرز الشركة الفرنسية 72 ساعة فقط للتواصل معهم قبل نشر كل ما لديهم، رغم عدم وجود أي طلب فدية حتى الآن، حيث تضمنت الوثائق المسربة، حسب ما ورد، تفاصيل أنظمة القتال للفرقاطات متعددة المهام (FREMM) وفرقاطات الدفاع والتدخل (FDI)، وحتى بعض الشيفرات المصدرية للبرمجيات.

شوف كمان: سعر الدولار في لبنان اليوم، الجمعة 18 أبريل 2025.. استقرار الليرة.

لكن أحد موظفي Naval Group أكد أن لا وجود لأي وثائق سرية من فئة الدفاع الوطني ضمن التسريبات، مشيرًا إلى أن تحقيقًا داخليًا بدأ لتحديد مصدر البيانات وصحة الاختراق.

هجمات روسية وأوروبية منسقة

تعتبر هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، ففي عام 2023، تعرضت Naval Group لهجوم حجب خدمة (DDoS) استهدف موقعها الإلكتروني، ونفذته مجموعة القراصنة NoName057(16) المؤيدة لروسيا، وهذه المجموعة ظهرت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وشنّت أكثر من 74,000 هجوم سيبراني ضد مؤسسات في أوروبا، منها أكثر من 200 هدف فرنسي، بحسب النيابة العامة في باريس.

وفي يوليو/تموز الجاري، قادت الشرطة الفرنسية بالتعاون مع Europol ووكالات ألمانية حملة تنسيق أوروبية ضد المجموعة، شملت 24 مداهمة في 6 دول أوروبية، ومصادرة أكثر من 100 خادم، وعقب ذلك، علق فريد تيمسيماني قائلًا: ما نشهده ليس مجرد قراصنة يبحثون عن مكاسب مالية، بل أطراف مدعومة سياسيًا تسعى لزعزعة ثقة الجمهور في المؤسسات الحساسة وتقويض صورة فرنسا كقوة دفاعية موثوقة

لا أثر للاختراق… ولكن الضرر وقع

رغم عدم وجود أدلة حتى الآن على حصول اختراق مباشر لأنظمة Naval Group، أصدرت الشركة بيانًا في 26 يوليو/تموز الجاري، أكدت فيه أنه لا أثر لاختراق فعلي، لكنها اعتبرت الحادث هجومًا على السمعة يحدث في سياق دولي مضطرب، ويستهدف زعزعة ثقة الشركاء والحلفاء.

يأتي ذلك في وقت حساس للغاية، حيث أبرمت المجموعة مؤخرًا عقدًا مع إندونيسيا لشراء غواصتين من طراز Scorpène، فيما حققت رقمًا قياسيًا في الطلبات بقيمة 4.3 مليار يورو لعام 2024، ويلفت تيمسيماني إلى أن توقيت الهجوم مثير للريبة، وقد يكون مرتبطًا بمحاولات منافسين دوليين التأثير على صفقات كبرى، خاصة أن الحادث جاء بعد حملة إعلامية مشابهة قادتها الصين في مايو/أيار لتقويض سمعة طائرات رافال الفرنسية لصالح الطراز الصيني J-10.

تحذير استخباراتي: التصعيد مستمر

في تقرير استخباراتي صدر في 24 يوليو/تموز عن إدارة الاستخبارات والأمن الدفاعي الفرنسية (DRSD)، تم رصد زيادة مضاعفة في حوادث التسلل الإلكتروني ضد القاعدة الصناعية والتكنولوجية الدفاعية الفرنسية (BITD) مقارنةً بعام 2023، ويختم تيمسيماني بالتحذير: ما يحدث الآن هو تذكير بأن الهجمات السيبرانية أصبحت خط الدفاع والهجوم الأول في النزاعات الحديثة، فرنسا أمام خيارين: إما أن تعزز أمنها الرقمي الاستباقي، أو أن تدفع الثمن في سمعتها ومصالحها الاستراتيجية