
في زمن يتسارع فيه التطور التكنولوجي، ويحذر فيه كبار الخبراء من التأثيرات العميقة للتحول الرقمي على حياة المجتمعات، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل، جاءت التصريحات المفاجئة من جيفري هينتون، أحد أبرز عقول الذكاء الاصطناعي.
السباكة: مهنة المستقبل
على الرغم من الاعتقاد السائد بأن مهن المستقبل تدور حول البرمجة والتقنيات الرقمية، إلا أن هينتون، عراب الذكاء الاصطناعي، يرى أن الطريق الأكثر أمانًا لمستقبل مهني مستقر هو تعلم السباكة أو أي مهنة تعتمد على المهارات البشرية في التعامل مع المواد الفيزيائية.
ممكن يعجبك: حرب سيبيريا الغامضة: هل كان هناك انتقام من الكائنات الفضائية ضد الجنود السوفييت؟
وفي حديثه لبودكاست “يوميات المدير التنفيذي” (The Diary of a CEO)، أشار هينتون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيتولى الأعمال الفكرية الروتينية، بينما ستبقى المهام التي تتطلب تلاعبًا فيزيائيًا معقدًا بعيدة عن متناول الآلات لفترة طويلة، لذا، فإن الخيار الأمثل هو أن تصبح سباكا.
لماذا مهنة السباكة؟
بحسب تصريحات هينتون، فإن مهنة السباكة تمثل إحدى الخيارات القليلة التي ستظل محصنة ضد تأثيرات الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب.
متابعو الموقع يشاهدون:
ويرجع ذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم قوته في تحليل البيانات وأداء المهام الذهنية المعقدة، يظل عاجزًا أمام المهارات اليدوية الدقيقة والتكيف مع البيئات المتغيرة، وهي الخصائص الأساسية في مهن مثل السباكة.
فالسباك يواجه مواقف غير متكررة، ويتطلب حل المشكلات مهارات فورية وفهمًا سياقيًا عميقًا، وهي قدرات يصعب تقليدها برمجيًا أو عبر الروبوتات الحالية.
لذا، يرى هينتون وآخرون أن السباكة ليست مجرد مهنة تقليدية، بل خيارًا ذكيًا ومستقبليًا في زمن تسيطر فيه الآلات على المهارات الفكرية الروتينية.
إلغاء الوظائف وخلق فرص جديدة
لم يكن هينتون وحده في تحذيراته، فقد أكد داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، أن ما يصل إلى نصف وظائف المكاتب البيضاء للمبتدئين قد تختفي خلال خمس سنوات، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 20%.
بينما يحذر بعض الخبراء من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل التقليدي، يرى آخرون أن هذه التكنولوجيا ستفتح آفاقًا واسعة لمهن جديدة ومبتكرة.
خلال حديثه في أسبوع التكنولوجيا في لندن (London Tech Week)، صرح ديميس هاسابيس، المؤسس المشارك لشركة Google DeepMind، بأن الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق “وظائف ذات قيمة عالية”، كما سيعزز من فرص الأشخاص ذوي المهارات التقنية العالية.
من نفس التصنيف: ترامب يصف إيران بأنها القوة المدمرة الأولى في الشرق الأوسط ويشير إلى نهب حزب الله للبنان
وأكد هاسابيس أن الإنسان “قادر على التكيف بلا حدود”، داعيًا الشباب للاستمرار في دراسة مجالات STEM (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات).
وفي معرض VivaTech بالعاصمة الفرنسية باريس، أكد الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا (NVIDIA)، جين سون هوانغ، أن الذكاء الاصطناعي سيغير وظائف الجميع، حتى وظيفته الشخصية.
وشدد هوانغ على أن بعض الوظائف التقليدية قد تختفي بفعل التطور السريع في الذكاء الاصطناعي، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه التكنولوجيا قد تفتح آفاقًا جديدة للإبداع والابتكار، مما يعيد تشكيل سوق العمل بشكل أكثر ديناميكية.
تشير هذه الرؤى إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم تأثيره السلبي على بعض الوظائف التقليدية، يفتح المجال لمهن أكثر تطورًا وإبداعًا، شرط أن يتكيف الإنسان مع هذه النقلة المعرفية والتقنية.
كما تبرز مهن مثل السباكة، والنجارة، والخدمات اليدوية، كخيارات واقعية وآمنة، لا تزال بعيدة عن متناول الذكاء الاصطناعي، على الأقل في المستقبل القريب.
التعليقات