«صحيفة بريطانية تكشف كذب نتنياهو حول المجاعة في غزة وتفاجئ ترامب»

«أطفالٌ نحيفون لدرجة أنهم يبدون من عالمٍ آخر وهم يموتون جوعًا، أمهاتهم جائعاتٌ جدًا لدرجة عدم قدرتهم على إرضاعهم وإعادتهم إلى الحياة، جرحى القصف يعانون من سوء تغذيةٍ شديدٍ يمنعهم من الشفاء، المسعفون، الموصولون بالمحاليل، يعانون من جوعٍ شديدٍ لدرجة عدم قدرتهم حتى على علاج الجياع» بهذه الكلمات عبرت الكاتبة بيل ترو في تقريرها المنشور في صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية، اليوم الثلاثاء، عن سؤال: «لماذا لا يصدق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ادعاء رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو «السخيف» بشأن أزمة المجاعة في غزة؟»

ترامب لا يبتلع أكاذيب نتنياهو بشأن المجاعة في غزة

تقول «ترو»، إن تناقض الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يعكس بداية انتباه العالم إلى الكارثة المتفاقمة في غزة، وتؤكد على ضرورة رفع إسرائيل حصارها الآن.

تستعرض الكاتبة الأوضاع المأساوية التي يعيشها الغزيون في القطاع المحاصر، قائلة: «هذه غزة، حيث يصل سعر كيلو السكر إلى ١٢٠ دولارًا (٩٠ جنيهًا إسترلينيًا)، ويصف المدنيون تعرضهم لإطلاق النار والقصف من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما حاولوا الحصول على إمدادات من قوافل الإغاثة»

تتابع «ترو» سردها للأوضاع في غزة، حيث تقول: «أخبرني أبٌ لأربعة أطفال أنه انتهى به المطاف تحت كومة من الجثث، بعضها أحياء، وبعضها مصاب، وبعضها قتلى، عندما ذهب للحصول على كيس دقيق واحد من شاحنة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي قبل أسبوعين، دقيقٌ اضطر إلى التخلي عنه وسط هذا الزحام المميت»

وتتساءل الكاتبة في تقريرها: كيف يعقل أن يموت الناس في عام 2025 حتى أولئك الأطفال الذين وُلدوا بعد بدء هذا الكابوس، بسبب مجاعةٍ صنعها حليفٌ ظاهريًا؟ فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد توفي ما يقرب من ١٥٠ شخصًا، بينهم ٨٨ طفلًا، بسبب سوء التغذية، وهذا العدد مرشح للارتفاع ما لم يُتخذ إجراءٌ مناسبٌ الآن

الحل بسيط: وقف فوري لإطلاق النار

ترى بيل ترو أن الحل بسيط ومتمثل في «وقف فوري لإطلاق النار، وأن تسمح إسرائيل بوصول المساعدات دون قيود إلى قطاع غزة بأكمله»، مؤكدة أن أي شيء أقل من ذلك لن يمنع المزيد من الموت.

تشير إلى أن المعالجة الحقيقية لمواجهة هذه المجاعة تتطلب استجابة إنسانية متعددة الأبعاد وعلى نطاق واسع، إلى جانب ضرورة توفير أغذية علاجية متخصصة، وتدخل طبي، ووصول مستدام للإمدادات، موضحة أن الأمر سيحتاج في النهاية إلى إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة، الذي دمرته إسرائيل، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الأوضاع حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى.

بالأدلة الدامغة.. وزراء حكومة الاحتلال يعترفون باستخدام «التجويع» سلاح للحرب

تستند الكاتبة الصحفية بالأدلة الدامغة لتفنيد ما يزعمه «نتنياهو» من إنكار لوجود مجاعة في غزة، مستندة إلى شهادات رسمية وتصريحات من داخل حكومته، وتوثيقات منظمات دولية ومحلية.

في الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي على نفي «سياسة التجويع»، تقف الأدلة ضده واضحة لا تقبل اللبس، فقد أعلن وزراؤه أنفسهم صراحة فرض الحصار الكامل ومنع دخول الغذاء والوقود والدواء، كما جاء على لسان وزير الدفاع يوآف جالانت في ثاني أيام الحرب.

تطرقت الكاتبة إلى التصريحات الصادمة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي لم يخفِ دعمه لتجويع سكان غزة، واعتبر إنزال المساعدات الغذائية جوًا «عارًا»، بل إن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أقرّ ضمنيًا بأن ما تقوم به إسرائيل هو تجويع ممنهج، مشيرًا إلى أن العالم لن يسمح بذلك «حتى لو كان مبررًا»، مما يعكس وعيًا داخليًا بالطبيعة الإجرامية لما يُمارس على الأرض.

رصدت الصحفية بيل ترو كيف أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تتحكم بما يدخل ويخرج من قطاع غزة، وبالتالي تتحمل مسؤولية قانونية مباشرة عن تدهور الأوضاع الإنسانية، بما في ذلك منع الغذاء والدواء، مؤكدة أن هذا الحصار المطبق والمستمر منذ استيلاء حماس على القطاع عام 2007، والمُضاعف بعد 7 أكتوبر 2023، أدى إلى كارثة صحية وغذائية واسعة النطاق.

منظمات حقوقية عالمية وإسرائيلية تؤكد المجاعة في غزة

عززت الكاتبة طرحها باستشهادها بتقارير صادرة عن منظمات حقوقية مثل «العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش»، التي وصفت استخدام إسرائيل للجوع كسلاح حرب بأنه «جريمة حرب»، بل و«جزء من إبادة جماعية مستمرة»، وأشارت إلى أن منظمات إسرائيلية مثل «بتسيلم» و«أطباء من أجل حقوق الإنسان»، أصدرت تقارير تؤكد هذا التوصيف، مع توثيق التدمير الممنهج لنظام الرعاية الصحية ومنع المساعدات.

رغم نفي الحكومة الإسرائيلية المستمر لأي مسؤولية، وادعائها أن المساعدات تُسرق من قبل حماس، تشير الكاتبة إلى أن الوقائع الميدانية والتسريبات الأخيرة تناقض هذه المزاعم، وتؤكد أن سياسات الاحتلال هي من تخنق غزة وتُجَوِّع سكانها.

وبذلك، لا تترك الكاتبة مجالًا للشك: المجاعة في غزة ليست دعاية، بل حقيقة مدعومة بالأدلة والاعترافات، وحان الوقت، كما تقول، لتغيير هذا الواقع من أجل إنقاذ ما تبقى من الإنسانية، على حد قولها

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *