
أعرب خبراء في القطاع العقاري عن قلقهم من القرارات الأخيرة التي فرضت رسوم تنازل على مشروعات الساحل الشمالي، ووقف التعامل مع الشركات حتى يتم السداد، حيث زادت هذه الإجراءات من الضغوط على شركات التطوير العقاري، خاصة مع تراجع المبيعات هذا الموسم، في حين أوضحت مصادر خاصة لـ«عقارات بوابة مولانا» أن بعض الشركات دخلت في مفاوضات مع جهات حكومية لتحديد آلية سداد ميسرة لتلك الرسوم، بهدف احتواء الأزمة وتخفيف الضغط على التدفقات النقدية، مما سيمكنها من استكمال خطط التنفيذ والطرح وإعادة الاستقرار للسوق.
وفقًا لوثيقة رسمية، فرضت هيئة المجتمعات العمرانية رسومًا على شركات التطوير العقاري في الساحل الشمالي تحت مسمى «رسوم التنازل»، وذلك في حالات الشراكة مع ملاك الأراضي، حيث تصل الرسوم إلى حوالي 1000 جنيه للمتر للأراضي المطلة على البحر، و500 جنيه للمتر غرب الطريق، مع ضرورة سداد الشركات 50٪ من القيمة مقدمًا، والباقي على مدى عامين، ورغم عدم وصول مخاطبات رسمية حتى الآن، إلا أن بعض أجهزة المدن بدأت بالفعل في تنفيذ قرارات وقف التعامل ووقف إصدار التراخيص والموافقات وقطع المرافق عن المشروعات حتى يتم السداد، وفقًا لما أكده أحد مسؤولي الشركات.
مواضيع مشابهة: سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري في 22 أبريل 2025: استقرار وتوقعات حديثة
وأشار المسؤول إلى أن العديد من الشركات قامت بمخاطبة مجلس الوزراء للتظلم من القرار الصادر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، مطالبة بآليات مرنة للسداد.
انضمت جمعية رجال الأعمال المصريين إلى دعوات الدكتور أحمد شلبي، رئيس مجلس العقار المصري، لعقد اجتماع عاجل مع رئيس الوزراء، بحضور كافة الجهات المعنية وشركات التطوير العقاري، وذلك للعمل على احتواء الموقف قبل أن تتفاقم آثاره على القطاع.
وقد أرسلت الجمعية مذكرة رسمية إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تطالب فيها بإعادة النظر في تطبيق الرسوم والقرارات الحكومية الأخيرة بأثر رجعي على المشروعات القائمة والمباعة، وتطبيقها على المشروعات المستقبلية التي لم تصدر لها قرارات وزارية، كما دعت إلى تطبيق إجراءات سحب الأراضي وفق ضوابط مرنة تضمن الجدية وتمنع عرقلة الاستثمار، مؤكدة على دعم الجمعية الكامل لحق الدولة في تنظيم السوق العقارية ومحاسبة الكيانات غير الجادة، إلا أن الطريقة التي يتم بها التطبيق بشكل مفاجئ وبأثر رجعي تنعكس سلبًا على سمعة الاستثمار في مصر، وتخلق حالة من الغموض والتخوف لدى المستثمرين المحليين والدوليين.
وكان الدكتور أحمد شلبي قد دعا إلى مراجعة آلية تطبيق الرسوم، خاصة على المشروعات القديمة أو تلك التي تم بيع وحداتها بالفعل وما زالت قيد التنفيذ، مع ضرورة تحديد الرسوم بشكل يتناسب مع القيمة الفعلية للأرض، واحتسابها بطريقة واضحة، مع توفير نظام سداد ميسر يتضمن دفع 10٪ مقدمًا وتقسيط الباقي على مدى من 5 إلى 7 سنوات، لتفادي الضغط على السيولة النقدية للمطورين.
قال إبراهيم عبد المنعم، رئيس شركة يونايتد للتسويق العقاري، إن الأخبار المتداولة حول وقف التعامل مع شركات الساحل وسحب بعض الأراضي أثارت قلقًا واضحًا لدى العملاء، وأثرت على قرارات الشراء خلال الأيام الماضية.
مقال له علاقة: سعر الريال السعودي اليوم، الأربعاء 9 أبريل 2025
وأشار إلى أن العملاء أصبحوا أكثر وعيًا وتأثرًا بالقرارات الحكومية، خاصة مع ارتفاع أسعار الوحدات في مشروعات الساحل الشمالي، لكنه توقع أن يكون التأثير مؤقتًا، وسرعان ما تعود المبيعات إلى مستوياتها مع استقرار الوضع وطمأنة السوق.
ونفى عبد المنعم وجود أي قرارات من الشركات بوقف الطروحات، مؤكدًا أن موسم الصيف الحالي، وخاصة شهري يوليو وأغسطس، يمثل ذروة المبيعات، ولا يمكن تفويت هذه الفترة باتخاذ قرار مباشر بوقف البيع أو تعطيل خطط طرح مشروعات جديدة.
وأشار إلى أن بعض العملاء قد يتوجهون إلى أسماء مطورين لا يخضعون لهذه القرارات، خاصة أنها تتزامن مع بداية الطرح في مشروع رأس الحكمة الإماراتي.
وفقًا لشركة «زي بورد كونسالتنج» للاستشارات، من المتوقع أن تشهد مبيعات الساحل الشمالي تراجعًا طفيفًا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لتسجل حوالي 500 مليار جنيه، لكنها ستظل في صدارة السوق العقارية المصرية من حيث الأداء.
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة «عربية أون لاين»، إن السوق قد تشهد هزة قصيرة الأجل نتيجة غموض الموقف، لكن الشركات ستحرص على التفاوض والوصول إلى توافقات مناسبة للإسراع في السداد واستعادة النشاط والحفاظ على مبيعاتها في ذروة الموسم البيعي.
وأضاف شفيع أن القرارات، رغم سلبيتها، لن تُضعف جاذبية الساحل الشمالي، خاصة مع بدء الطروحات الكبرى، مثل مشروع «رأس الحكمة»، متوقعًا أن يتم تحميل جزء من الرسوم على الأسعار النهائية للوحدات الجديدة، لكن ذلك لن يعوق قرارات الشراء، نظرًا لقدرة الشريحة المستهدفة على تحمل تلك الزيادات، ومعظمهم من المصريين العاملين في الخارج أو من الأشقاء في دول الخليج العربي.
شدد شفيع على أن الشركات الكبرى قادرة على استيعاب تلك الضغوط، نظرًا لتمتعها بمراكز مالية قوية، لكن التأثير الأكبر سيقع على الشركات متوسطة الحجم، التي قد تواجه صعوبات إضافية بسبب الالتزامات المالية المفاجئة، داعيًا إلى ضرورة التوصل لتفاهمات حكومية توفر مدد سداد أطول لتلك الفئة من المطورين. وعن الخطط الاستثمارية للمطورين، قال: قد تؤثر القرارات على الخطط الإنشائية وأعمال التطوير نظرًا لنقص السيولة المتوقع، لذلك من المهم إطالة آجال السداد بما يراعي التدفقات النقدية للشركات بمختلف أحجامها.
قال جاسر بهجت، رئيس شركة «ميللي»، إن الرسوم يمكن استيعابها في تسعير المشروعات الجديدة، دون أن نرى زيادات كبيرة في الأسعار، لكنها تمثل عبئًا كبيرًا على المشروعات الجاهزة أو الجاري تسليمها، حيث لا يمكن تحميل العميل أي أعباء إضافية، مما يعرض الشركة لخسائر مباشرة، مضيفًا أن المشكلة الأكبر أن أغلب تلك المشروعات تعرضت لخسائر مادية نتيجة لتعويم الجنيه وتضاعف التكلفة الإنشائية أكثر من مرة، مع ارتفاع معدلات التضخم والزيادة القياسية في أسعار مواد البناء.
ودعا بهجت إلى مراجعة تطبيق القرار بأثر رجعي، مؤكدًا أنه يضر بمناخ الاستثمار ويقلل من ثقة الشركات، خاصة الأجنبية، في السوق المصرية.
التعليقات