الأقسام: مصر

رحلة العودة الطوعية للسودانيين من القاهرة إلى أسوان مع «بوابة مولانا»

في مشهد إنساني مليء بالمشاعر والتفاصيل، رافقت «بوابة مولانا» عددًا من الأشقاء السودانيين خلال ثاني رحلات العودة الطوعية التي نظمتها الدولة، حيث انطلقت الرحلة من محطة مصر بالقاهرة إلى محطة أسوان.

شاركت «بوابة مولانا» الركاب لحظات الاستعداد والتوديع، ورافقوهم لأكثر من 12 ساعة داخل القطار المخصص، لنقلهم بأمان وكرامة إلى أقصى جنوب مصر، استعدادًا للعبور إلى وطنهم عبر المعابر الحدودية.

لم تكن الرحلة مجرد تنقّل بين نقطتين على الخريطة، بل حملت قصصًا ومشاعر مختلطة ما بين الحنين والخوف والأمل، نسجت داخل عربات القطار، حيث جلس الكبار والصغار بحقائبهم وآمالهم، وارتدى العديد من الصغار والرجال «كاب» يحمل شعار «شكرًا مصر»، في تجربة فريدة من نوعها على خط السكك الحديدية الممتد بين بلدين تجمعهما روابط الدم والجوار والتاريخ.

في مشهد مؤثر يجسد روح التعاون الإنساني بين الشعوب، غادرت السيدة السودانية نفيسة الصديق إبراهيم، البالغة من العمر 62 عامًا، مصر عائدة إلى وطنها ضمن مبادرة العودة الطوعية التي أُطلقت لتشجيع السودانيين المقيمين مؤقتًا في مصر على العودة الآمنة إلى ديارهم.

وقالت «نفيسة» في حديثها لـ «بوابة مولانا» قبل مغادرة محطة القطار: «عندما اندلعت الحرب في السودان، خرجنا من الولايات وقدمنا إلى مصر عن طريق التهريب، حيث وجدنا معاملة جيدة، وأمضينا وقتًا طيبًا في مكان آمن، وكانت حياتنا هنا جيدة، ومصر بلد جميل جدًا».

أضافت: «لقد قضيت سنة هنا، والحقيقة أن الحياة والمعاملة في مصر كانت رائعة، فالناس يحترمون الجميع، وأشكر الجهات المصرية على كرم الضيافة».

وعن قطار العودة، أكدت «نفيسة»: «القطار جميل جدًا، والمبادرة رائعة، جزى الله الحكومة المصرية والشعب المصري خيرًا».

واختتمت «نفيسة» رسالتها بعبارة مؤثرة: «أنا عائدة إلى بلدي، لكنني لن أنسى مصر أبدًا.. بلد الخير».

من داخل محطة مصر بالقاهرة، وبين جموع السودانيين المتجهين في رحلة العودة الطوعية إلى أسوان، وقف «آدم على حسين محمد»، سوداني الجنسية، يتحدث لـ «بوابة مولانا» عن تجربته الإنسانية في مصر التي امتدت لما يقرب من عام ونصف.

وقال آدم: «الحمد لله، قضينا سنة ونصف في مصر، والمعاملة كانت طيبة جدًا، رحّب بنا المصريون منذ اللحظة الأولى، وشعرنا أننا بين أهلنا».

وأوضح أنه دخل الأراضي المصرية بطرق غير رسمية، لكنه وجد ترحابًا حقيقيًا ودعمًا خلال فترة إقامته، قائلًا: «قدمنا إلى مصر عن طريق التهريب، لكننا عشنا وسط إخوتنا.. مصر والسودان بلد واحد، هذا هو التاريخ».

وحول أوضاعه المعيشية، أضاف: «كنا نستأجر منزلًا، وعشنا مع المصريين.. وكلنا واحد.. والحمد لله نحن مرتاحون، لا توجد أي مشاكل».

أما عن مبادرة العودة الطوعية، فأعرب آدم عن امتنانه لها، واصفًا إياها بـ«المبادرة السامية»، وقال: «نتمنى من الله أن يحفظ بلاد المسلمين جميعًا.. المبادرة خطوة طيبة وإنسانية».

واختتم حديثه برسالة شكر إلى وزارة النقل المصرية، معربًا عن إعجابه بالتنظيم داخل محطة القطار، قائلاً: «لم أركب القطار بعد، لكنني أرى المكان منظم والتسهيلات ممتازة.. مصر لا يوجد بها أي كلام، والله تعاملوا معنا فوق رؤوسنا».

من داخل عربات القطار المتجه من القاهرة إلى أسوان، رافقت «بوابة مولانا» آمنة على عمر، سودانية تبلغ من العمر خمسين عامًا، في رحلتها ضمن القطار الثاني المخصص لعودة السودانيين طوعًا إلى بلادهم، حيث تحدثت إلينا عن تجربتها بكل وضوح وتأثر.

قالت آمنة: «جئت إلى مصر وقت الحرب.. الظروف أجبرتني، واضطررت للدخول عن طريق التهريب»، مضيفة أنها أقامت في مصر لمدة سنة ونصف برفقة ابنتها التي كانت ترافقها أيضًا في رحلة العودة.

وعن فترة إقامتها، أوضحت: «المعاملة كانت طيبة جدًا.. ولم نصادف أي موقف سيئ، بالعكس المصريون ناس طيبون، والتعامل كان كله احترام ورحمة».

وفي حديثها عن المبادرة التي تنظمها الحكومة المصرية بالتنسيق مع الجهات المعنية، عبّرت آمنة عن امتنانها قائلة: «نشكر ربنا ونشكر القائمين على المبادرة.. ربنا يوفقهم ويحفظهم في الدنيا والآخرة، نفسي أرجع بلدي والحمد لله أن الله قدرني على ذلك».

وأشادت بالتسهيلات التي قُدمت من وزارة النقل والهيئة القومية لسكك حديد مصر، قائلة: «الرحلة مجانية، وهذا شيء كبير.. لأن أغلبنا لم يكن قادرًا على السفر، ربنا يجزيهم خيرًا على كل ما فعلوه».

وأضافت: «منذ دخلنا المحطة، لم نرَ إلا كل خير.. تسهيلات ومساعدات، لم نواجه أي مشاكل».

وسط بهجة العودة، كانت «بوابة مولانا» على متن القطار المخصص لعودة السودانيين، حيث التقت بـ هند محمد خضر، التي لم تأتِ إلى مصر هربًا من الحرب، بل في رحلة حب، خلال شهر عسلها مع زوجها.

تقول هند بابتسامة عريضة: «جئت إلى مصر مع زوجي منذ شهر، وكانت تجربة رائعة جدًا، فعلاً لم أشعر أنني غريبة هنا، المصريون عاملونا بمحبة كبيرة».

وتضيف: «كنا نعيش في حارة كل جيرانها مصريون، ورغم أننا كنا السودانيين الوحيدين هناك، لم يشعرونا يومًا أننا غرباء.. كانوا أهلًا حقيقيين».

ورغم قِصر مدة إقامتها، عبرت هند عن امتنانها للمعاملة الطيبة التي تلقتها في الجيزة، وقالت: «من أول يوم وجدنا ترحابًا وحبًا. هذه التجربة ستظل في قلبي، وأتمنى أن أعود مرة أخرى في زيارة وليس وداعًا».

وحول المبادرة التي تنظمها الدولة المصرية لتيسير عودة الأشقاء السودانيين، قالت هند: «المبادرة هذه شيء رائع جدًا، ومجانية أيضًا، والناس هنا متعاونون جدًا».

واختتمت حديثها بفرحة حقيقية، إذ زغردت داخل القطار من شدة السعادة قائلة: «راجعة إلى بلدي وأنا فرحانة.. وربنا يديم المحبة بين مصر والسودان».

من على مقاعد القطار المتجه إلى أسوان ضمن ثاني رحلات العودة الطوعية للسودانيين، جلست مها بخيت عمر، التي جاءت إلى مصر هربًا من ويلات الحرب، تتأمل لحظة العودة، بينما تتحدث لـ «بوابة مولانا» عن رحلتها التي بدأت عبر التهريب وانتهت اليوم بمحطة أمل.

قالت مها: «قدِمنا من السودان هربًا من الحرب عبر التهريب، ووصلنا مصر وكثر خيرها استقبلتنا بصدر رحب»، موضحة أنها أقامت في الإسكندرية لأكثر من عام مع أولادها وأخيها، وسط مجتمع مصري احتضنها بمحبة: «كان الناس هناك مثل أهلي.. مصريون ولكن العلاقة كانت إنسانية خالصة».

وأضافت: «الحمد لله نحن راجعون الآن معًا دون تكلفة»، مشيدة بالمبادرة التي أتاحت العودة مجانًا، قائلة: «هناك الكثير من الناس الذين كانوا يرغبون في العودة لكنهم لم يستطيعوا، فالسفر يكلف آلاف الجنيهات، وليس كل الأسر قادرة على الدفع.. الآن المبادرة فتحت باب العودة الكريم».

وعن تجربتها داخل محطة السكة الحديد والقطار، قالت: «كل شيء يسير بشكل جيد.. المعاملة محترمة، ولم نشهد أي شيء سيئ»، ثم أضافت بابتسامة ممتنة: «ربنا يجزي مصر خيرًا.. المصريون لم يقصروا معنا، ونتمنى أن نعود مرة أخرى ولكن كسياح، وليس نازحين».

لم يكن وجود أسامة الريح أنور في مصر لأول مرة، بل هو زائر دائم منذ العام 2013. يقول مبتسمًا وبجواره طفل يرتدي قبعة مكتوب عليها «شكرًا مصر»: «بدأت رحلاتي إلى مصر منذ 2013، وقد زرت العديد من المحافظات: أسوان، الأقصر، وسوهاج، وفي القاهرة بالتحديد في دار السلام».

علاقته بمصر لم تكن صدفة، بل امتداد لعلاقات قديمة تعود إلى أوائل الألفية، حينما كان الجنيه السوداني قويًا، وكانت فرق العمل المصرية تسهم في مشروعات التعمير في السودان. يقول: «لدي أصدقاء مصريون كثيرون عملنا معًا في السودان منذ 2003 و2004، كانوا يعملون في النقاشة والمعمار والكهرباء، وفضلنا على تواصل حتى اليوم».

وحين اندلعت الحرب الأخيرة في السودان، كان أسامة في مصر بالفعل، ولم يأتِ لاجئًا، بل عاشقًا لمصر كما وصف نفسه، قائلاً: «لم أقدم بسبب الحرب، فقد كنت هنا عندما بدأت، وعندما هدأ الوضع قليلاً ورجعوا يتبادلون الأسرى، سافرت لأطمئن على أهلي ورجعت مرة أخرى، ودائمًا أذهب وأعود، لا أستطيع الغياب عن مصر».

عن مبادرة العودة المجانية، قال بتقدير: «مبادرة محترمة جزاكم الله خيرًا، المصريون دائمًا أهل كرم، وأحسنوا إلينا منذ أول دخولنا، لا توجد صعوبات ولا تعقيدات، الناس هنا وجدوا الطيبين على نياتهم».

واختتم أسامة حديثه برسالة محبة: «شربت من مياه مصر.. ولا أتركها. وبعد ثلاثة أشهر إن شاء الله سأعود مرة أخرى. ربنا يحفظكم من الفتن والمشاكل».

من داخل قطار العودة الطوعية المتجه إلى السودان، عبّر عمر عبدالقاسم عن امتنانه العميق لمصر وشعبها، قائلاً:

«من أول يوم في الحرب، وقفت مصر معانا، البلد احتضنتنا والشعب رحب بنا، والمعاملة كانت راقية وإنسانية جدًا».

وأضاف عبدالقاسم، الذي قضى نحو عامين في مصر بعد نزوحه من السودان نتيجة الحرب: «الشكر موصول للرئيس عبدالفتاح السيسي، والحكومة المصرية، التي وفرت لنا وسيلة عودة مجانية ومنظمة، كنا عاجزين عن دفع تكاليف السفر، والرحلة المجانية هذه أنقذت أسرًا كاملة».

ورغم ما وصفه بمحاولات بعض «الفئات القليلة المحرّضة» للإساءة أو بث الفتنة بين الشعبين، شدد عبدالقاسم على أن «ما يجمع المصريين والسودانيين أكبر من أي إساءة»، مضيفًا: «لدينا نسب وقبائل مشتركة، النيل واحد، والمصير واحد.. مصر ليست غريبة علينا، هذه بلدنا الثانية، وربما الأولى أيضًا».

وقال بتأثر واضح: «جدي مدفون في إسنا منذ مئات السنين، والروابط بيننا تاريخية وإنسانية، مهما فعل المغرضون، لن تتفكك هذه الوحدة».

المشاركات الاخيرة

  • ترفيه

بدء تصوير فيلم ريد فلاج واكتشف أبطاله المميزين!

أعلن صناع فيلم "ريد فلاج" الذي يضم في بطولته أحمد حاتم وجميلة عوض وشريف منير، عن بدء تصوير المشاهد الداخلية…

3 ثواني منذ
  • مصر

أسعار الفراخ في مطروح اليوم تبقى مستقرة رغم الزحام الصيفي

شهدت أسعار الدواجن في محافظة مطروح اليوم الثلاثاء استقرارًا نسبيًا، على الرغم من الزيادة الملحوظة في الإقبال من المواطنين والمصطافين…

57 ثانية منذ
  • اقتصاد

سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025

شهدت أسعار العملات اليوم الثلاثاء 29-7-2025، انخفاضًا ملحوظًا في البنوك المصرية، حيث سجل البنك الأهلى المصرى سعر 12.92 جنيه…

دقيقتان منذ
  • مصر

وزارة الكهرباء تكشف تفاصيل أزمة انقطاع الكهرباء في الجيزة في البيان الثاني

أصدرت وزارة الكهرباء بيانًا اليوم الثلاثاء يحمل عنوان «البيان 2»، حيث استعرضت فيه جهودها لحل أزمة الانقطاعات الكهربائية في محافظة…

3 دقائق منذ
  • ترفيه

محمد القس يتحدث مع معتز التوني في برنامج فضفضت أوى – اكتشف التفاصيل!

يستضيف النجم في برنامج «فضفضت أوى»، الذي يقدمه المخرج معتز التونى على منصة Watch it الرقمية، غدًا الأربعاء، ويعد هذا…

4 دقائق منذ
  • اقتصاد

سعر طن الحديد اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 يصل إلى 40 ألف جنيه

سجلت أسعار الحديد في مصر اليوم مستويات تتراوح بين 38 ألف جنيه إلى 38500 جنيه، حيث تصل للمستهلك مع…

5 دقائق منذ