مفاوضات ستوكهولم المثيرة بين واشنطن وبكين لبحث هدنة جمركية جديدة

بدأت جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين مسؤولين أمريكيين وصينيين في ستوكهولم يوم الإثنين، حيث أعربت بكين عن رغبتها في تحقيق “المعاملة بالمثل” في علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة.

وأكد مكتب رئاسة الوزراء السويدية أن المحادثات ستستمر لمدة يومين.

وبحسب وكالة “فرانس برس”، تأتي هذه المفاوضات بعد يوم من اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات من الاتحاد الأوروبي، بينما تسعى العديد من الدول للتوصل إلى اتفاقيات أو مواجهة زيادة في الرسوم الجمركية الأمريكية.

وأعربت بكين يوم الإثنين عن أملها في إمكانية إجراء محادثات قائمة على “الاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل”.

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية غوو جياكون: “نأمل من الولايات المتحدة، بالتعاون مع الصين، تعزيز التوافق من خلال الحوار والتواصل، وتقليل سوء الفهم، وترسيخ التعاون، وتشجيع تطوير العلاقات الصينية الأمريكية بشكل مستقر وسليم ومستدام”

أما بالنسبة لعشرات الشركاء التجاريين، فإن الفشل في التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة سيعني أنهم سيواجهون زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية المفروضة على صادراتهم إلى الولايات المتحدة اعتبارًا من يوم الجمعة الموافق 1 أغسطس/آب.

وستؤدي الرسوم المرتفعة التي تم تهديد شركاء مثل البرازيل والهند بها إلى ارتفاع الرسوم المفروضة على منتجات هذه البلدان من “مستوى أساسي” يبلغ 10% حاليًا إلى مستويات تصل إلى 50%.

وقد أدت الإجراءات التي فرضتها إدارة ترامب حتى الآن إلى رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثينات القرن الماضي، وفقًا لبيانات مركز “ذي بادجيت لاب” للأبحاث التابع لجامعة يال.

وتتركز الأنظار حاليًا على المباحثات الجارية بين واشنطن وبكين في السويد، حيث يجتمع وفد أمريكي يضم وزير الخزانة سكوت بيسنت مع فريق صيني يقوده نائب رئيس الوزراء هي ليفينغ.

ورُفعت في ستوكهولم الأعلام الصينية والأمريكية أمام “روسنباد”، مقر الحكومة السويدية.

بينما تبادل البلدان في أبريل/نيسان فرض الرسوم الجمركية على منتجات بعضهما البعض بمستويات بلغت أرقامًا مئوية، تم تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية مؤقتًا هذا العام إلى 30%، بينما خُفضت الرسوم الصينية المضادة إلى 10%.

لكن تنقضي مهلة الهدنة البالغة 90 يومًا التي تم التوصل إليها بعد محادثات في جنيف جرت في مايو/أيار يوم 12 أغسطس/آب.

ومنذ اجتماع جنيف، عقد الطرفان محادثات في لندن على أمل حل الخلافات.

وتحدثت مسؤولة الاستراتيجيات في شركة “مينرفا” إميلي بنسون لوكالة فرانس برس عن “تطور هام في نهج الحكومة الأمريكية تجاه الصين منذ محادثات لندن تحديدًا”.

وأضافت أن “التركيز أصبح الآن على ما هو قابل للتحقيق، وعلى تحسين العلاقات حيث أمكن وضبط أي عوامل قد تفاقم التوتر”.

ولم يتم التوصل حتى الآن إلى أي اتفاق، لكن تم إحراز تقدم في مسائل تعتبر أساسية لكلا الطرفين، بحسب بنسون، ولا سيما مع تليين القيود الصينية المفروضة على صادرات المعادن النادرة، مقابل رفع بعض القيود المفروضة على إمداد الصين بأشباه الموصلات الأمريكية.

وأضافت أن “الوزير بيسنت أشار أيضًا إلى اعتقاده بأن النتائج الملموسة ستشمل تمديد هدنة التسعين يومًا.. هذا أمر يبعث على الأمل أيضًا، لأنه يدل على أن أمراً يتوقع أن يكون ملموسًا أكثر يلوح في الأفق”.

وذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” نقلاً عن الطرفين يوم الأحد أنه يتوقع أن تمدد واشنطن وبكين الهدنة لتسعين يومًا إضافية.

وأعلن ترامب عن اتفاقات حتى الآن مع كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفيتنام واليابان وإندونيسيا والفلبين، رغم عدم صدور الكثير من التفاصيل بشأنها.

وقال تيبو داناميل من “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” إن تمديد الاتفاق الصيني الأمريكي لإبقاء الرسوم عند مستويات منخفضة “سيظهر أن الجانبين مقتنعان بأهمية مواصلة المحادثات”.

من جانبه، أشار رئيس مجلس المال والأعمال الأمريكي-الصيني شون ستاين إلى أن الأسواق لا تنتظر تفاصيل اجتماع ستوكهولم، بل سينصب التركيز على “أجوائه”.

وقال لفرانس برس إن “دوائر المال والأعمال متفائلة بأن الرئيسين سيجتمعان في وقت لاحق هذا العام، ربما في بكين”.

وأضاف “من الواضح أنه بالنسبة للجانبين، سيكون القرار النهائي في يد الرئيس”.

وذكر ديناميل أنه بالنسبة لآخرين، فإن احتمال فرض رسوم جمركية أمريكية أعلى والتفاصيل القليلة بشأن الاتفاقيات التجارية الجديدة “بعيد جدًا عن السيناريو المثالي”.

لكن يوجد بعض التقدم، خصوصًا مع شركاء أشارت واشنطن إلى أنهم على رأس أولوياتها مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والفلبين وكوريا الجنوبية.

وكشف الاتحاد الأوروبي عن اتفاق مع واشنطن يوم الأحد، بينما تسارع سيول للتوصل إلى اتفاق، بعدما توصلت كل من اليابان والفلبين إلى خطوط عريضة لاتفاقيات.

وتعهّدت واشنطن بسلسلة اتفاقيات بعدما كشفت عن زيادة الرسوم الجمركية التي تستهدف عشرات الاقتصادات في أبريل/نيسان قبل أن تسارع لتأجيل تطبيقها.