
أوضحت الدكتورة عفاف طلبة، أستاذ البيانو بمعهد الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون، أن الموسيقى تعتبر وسيلة تعبير إنسانية أساسية، مشيرة إلى أنها أصبحت ضرورة حياتية يجب على جميع الدول توفيرها لكل أفرادها، خصوصاً في بلادنا التي تسعى للتنمية والتقدم.
الموسيقى جزء مهم من الثقافة والهوية الوطنية
أكدت أن الموسيقى التقليدية تمثل جزءاً مهماً من الثقافة والهوية، مما يتطلب منا الدفاع عنهما، لأننا نحمي تاريخاً ساهم في تشكيل هويتنا عبر الزمن، وأشارت إلى أن الصراع على الإرث الموسيقي هو في الحقيقة صراع على الهوية والانتماء، والحفاظ عليه لا يقل أهمية عن الحفاظ على الأرض والحدود الجغرافية، خاصة في ظل العولمة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
اقرأ كمان: سعر الذهب عيار 21 بعد التراجع الأخير: تحديث سعر اليوم السبت 26 أبريل في محلات الصاغة
مبادرة (تراثك ميراثك) لوزارة الثقافة
وخلال فعاليات المبادرة الثقافية (تراثك ميراثك)، التي أطلقتها وزارة الثقافة، تم تنظيم ندوة تحت عنوان (الموسيقى مرآة الهوية) في قاعة الموسيقى بدار الكتب، تحت إشراف رشا أحمد، مدير القاعة، وبحضور محمد كمال، مدير خدمات القراء، وعدد من المهتمين والفنانين والشخصيات العامة، حيث أكدت طلبة أن التقدم التكنولوجي وانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أوجد أنماطاً جديدة نتيجة تداخل الثقافات، وهذه الأنماط شكلت هويات جديدة، خاصة لدى الأجيال الشابة، ولكن يجب ألا نعتبر هذه التأثيرات محوًا للهوية الثقافية، بل يمكن أن تكون إضافة جديدة تجذب الشباب للتعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة.
أقيمت الندوة برعاية الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، وحضور رئيس دار الكتب والوثائق القومية، الدكتور أسامة طلعت، بالإضافة إلى الشعراء والفنانين مثل نجلاء السنارى وآلاء الرفاعي، والشيخ طه الإسكندرانى، مع مجموعة من تلاميذه من معهد الإنشاد الدينى، فضلاً عن مروة يحيى، مدير مركز رامتان الثقافى، والشاعر عبدالعليم، والشاعرة رانيا صلاح، ونخبة من المهتمين بالموسيقى والتراث.
مقال له علاقة: تاريخ إصدار رواتب المعلمين لشهر أبريل 2025
عرض تواشيح دينية وعزف على البيانو وآلة القانون
تضمنت الندوة باقة من التواشيح الدينية التي تعكس التراث الدينى، كما شارك فيها طلاب من معهد الكونسرفتوار بقسم البيانو بدار الأوبرا المصرية، ومنهم الطالب يوسف على عبدالقادر الذي عزف على آلة القانون مقدمة ألف ليلة وليلة لأم كلثوم، وعلى الأورج مقطوعة 100 سنة سينما لعمر خيرت.
شددت على أنه على الرغم من هذا التأثير، يجب أن نكون حذرين من الذوبان في ثقافة الآخر، ورغم أن الموسيقى تساهم في بناء هويات ثقافية جديدة، تظل الموسيقى التقليدية جزءاً لا يتجزأ من تراث كل شعب، كما عرضت نماذج مختلفة من الآلات التقليدية والموسيقى التي تعكس هويات متنوعة، مثل الهوية الدينية من خلال النقشبندي (مولاى إني ببابك) والهوية الوطنية (وقف الخلق لأم كلثوم)، بالإضافة إلى ألوان من التراث الشعبي باستخدام الآلات الشعبية مثل الربابة لمغنين شعبيين مثل بدرية السيد ومحمد طه، كما تناولت فن السيرة الهلالية، وعرضت نماذج من الموسيقى التراثية مثل الموشحات والطقطوقة والمونولوج والموال الشعبي، مع الإشارة إلى عمالقة الموسيقى مثل أم كلثوم وعبدالحليم وبليغ حمدى ورياض السنباطي والقصبجى، الذين اجتمعوا حول هدف واحد هو الحفاظ على الهوية الموسيقية المصرية، حيث كانت المقدمات الموسيقية لأعمالهم الغنائية طويلة وممتعة، مما أضاف للذائقة الموسيقية للمستمع المصري.
كما تحدثت عن بعض الموسيقيين المعاصرين الذين استخدموا الآلات الموسيقية الغربية وأساليب التأليف الموسيقى المعاصر لإثراء الألحان المصرية، مثل عمار الشريعى وعمر خيرت، وذكرت أن الأغانى الوطنية تمثل مكوناً ثقافياً حاضراً في كل الأحداث التي مرت بها مصر، ولها دور كبير في ترسيخ الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء، مشيرة إلى آلة السمسمية التي تُعرف بآلة المقاومة لدورها في تأجيج مشاعر الوطنية في مدن القناة، كما أوضحت أن في أوروبا توجد أنواع من الموسيقى تُعرف بموسيقى الأقليات تعكس هويتهم، وكان لها تأثير كبير في ظهور مدارس وأشكال وأساليب موسيقية متنوعة.
مثل موسيقى الغجر، التي عانت كثيراً من الاضطهاد والتمييز العنصري، وقد لعبت هذه الموسيقى دوراً مهماً في تطوير المشهد الموسيقي في العديد من الدول، وكانت مصدر إلهام للعديد من المؤلفين الموسيقيين الأوروبيين، مثل مقطوعة Austrias للمؤلف الإسباني إسحاق البينز، ومقطوعة Hungarian Dance للمؤلف الألماني يوهان برامز، واختتمت الندوة بتأكيدها على أن الموسيقى تؤرخ للإنسان، فليست الحدود الجغرافية وحدها ما يكتب التاريخ، بل الفنون والموسيقى تستطيع توثيق ما قد يغفله المؤرخ.
التعليقات