أحدث التقنيات المسرحية تذهل جمهور مهرجان وسط الصعيد في “التكية” لأول مرة

شهد مسرح قصر ثقافة أسيوط عرضًا مسرحيًا فريدًا بعنوان “التكية” أمام جمهور كبير ضمن فعاليات المهرجان الإقليمي لوسط الصعيد.

هذا العرض، الذي مثل لجنة التقييم بالمهرجان، جاء بعد سبع ليالٍ متتالية من النجاح الجماهيري على مسرح قصر ثقافة أبنوب، حيث امتلأت القاعة بالجمهور، حتى وقف البعض في الممرات، مما جعله العرض الأكثر جذبًا في الدورة الحالية من المهرجان.

لم يكن “التكية” عرضًا تقليديًا، بل تجربة مسرحية متكاملة استخدمت تقنيات جديدة تُقدَّم لأول مرة في صعيد مصر، مثل الفيديو مابينغ (Video Mapping) والعرض الضوئي بالفيديو (Video Projecting)، في توليفة بصرية وسمعية مبتكرة، صُممت بعناية لدعم الفكرة الدرامية العميقة.

يتناول النص المسرحي سؤالًا فلسفيًا جريئًا: لماذا قد يتنازل الإنسان عن إرادته بإرادته؟

ويستعرض كيف تمكنت الجماعات السرية، وخاصة المتطرفة منها، من محو شخصية الإنسان وتحويله إلى أداة طيعة عبر الغسل العقائدي والعاطفي، وذلك في إطار رمزي يصور “التكية” كمكان يُقمع فيه الجسد والروح باسم “الخلاص”.

تميز العرض ببنية درامية معقدة تتداخل فيها الأزمنة والأصوات والهلاوس، مما خلق تجربة بصرية ونفسية عميقة، كما برز الأداء التمثيلي كواحد من أبرز عناصر العرض، حيث أظهر الممثلون احترافًا عاليًا في الأداء الجسدي والصوتي والانفعالي، ما يعكس تدريبًا مكثفًا وورش عمل فنية عميقة.

العمل من إخراج مارك صفوت، الذي حصل سابقًا على جائزة أفضل إخراج (المركز الثالث) عن عرض “التحول” في الدورة الـ46 من مهرجان فرق الأقاليم المسرحية العام الماضي، وتم توثيق العرض ومراحل الوصول إليه بفيلم “الغرفة” للمخرج أبانوب سلامة، الذي يعرض معاناة فرق الأقاليم.

عرض “التكية” هو من إنتاج وزارة الثقافة، ويقدمه شباب قصر ثقافة ابنوب الذين يؤمنون بالفن الحقيقي ويسعون لتقديم تجارب مختلفة باستخدام أدوات معاصرة.

بينما يُطالب الكثيرون بتحكيم عادل ومحايد، يبقى العرض “التكية” علامة فارقة في عروض هذا العام، ودليلًا على أن الجمهور لا يكذب، بل يدعم دائمًا كل ما هو صادق، جديد، وإنساني.