مآسي بايدن مع السرطان.. أيام مليئة بالدموع والألم

إعداد: محمد كمال

تتسم العلاقة بين الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والسرطان بالدرامية، إذ تمتد على مدار 28 عاماً من حياته، مما زاد من تعاطف الناس معه بعد إعلان إصابته بسرطان البروستاتا الذي انتشر إلى عظامه، وقد تم رصد بايدن في لحظات مؤثرة وهو يبكي لفقدان أشخاص مقربين، أبرزهم ابنه بو بايدن، حيث تحل قريباً الذكرى العاشرة لوفاته بسبب هذا المرض الخبيث.

لقد كان السرطان جزءاً أساسياً من حياة بايدن الشخصية والسياسية، حيث كرس جزءاً كبيراً من مسيرته المهنية لأبحاث السرطان بعد فقدانه ابنه بو بسبب سرطان الدماغ في عام 2015، وقاد حملة «الانطلاقة الكبرى نحو السرطان» لتعزيز التقدم في مكافحة هذا المرض، تكريماً لابنه الذي لا يزال أثره حاضراً في ذاكرته.

كما فقد اثنين من أصدقائه المقربين خلال فترة عمله في مجلس الشيوخ، وهما إدوارد كينيدي عام 2009 وجون ماكين عام 2018، مما عزز من صورته كمتعاطف مع ضحايا السرطان، وهو ما أصبح جزءاً لا يتجزأ من هويته السياسية، وقد تجلت جهوده في التعاون الحزبي عندما عمل جنباً إلى جنب مع الجمهوريين، بما في ذلك ميتش ماكونيل، لإقرار مشروع قانون «علاجات القرن الحادي والعشرين».

لكن المآسي تتالت في حياة بايدن خلال صعوده السياسي، حيث فقد زوجته الأولى وابنته الرضيعة في حادث سيارة عام 1972، بعد فترة قصيرة من فوزه الأول في انتخابات مجلس الشيوخ، وبعد وفاة ابنه بو، الذي كان يعتبره بايدن وريثه السياسي، انزلق ابنه الآخر هانتر في دوامة إدمان المخدرات قبل أن يتعافى.

أما بايدن نفسه، فقد عانى في عام 1988 من تمددين في الأوعية الدموية الدماغية، مما هدد مسيرته السياسية.

ـ هل كان هناك تستر على إصابة بايدن بالسرطان؟

في الأسبوع الماضي، خضع بايدن لفحص طبي للكشف عن وجود ورم جديد في البروستاتا، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه، وتم تشخيص حالته بسرطان البروستاتا الذي انتشر إلى العظام، وذكر البيان أن التشخيص يشير إلى شكل أكثر عدوانية من المرض، ولكن يبدو أن السرطان يستجيب للعلاج الهرموني، مما يسمح بإدارة فعالة، وقد أضاف البيان أن بايدن وعائلته يراجعون خيارات العلاج مع أطبائه.

تأتي هذه التطورات في لحظة حساسة بالنسبة لبايدن (82 عاماً) وحزبه، حيث بدأ الديمقراطيون في الأيام الأخيرة بالتشكيك في كيفية تعاملهم مع انتخابات 2024، خاصة مع إصرار بايدن المتقدم في السن على الترشح لإعادة انتخابه، حتى أنه اضطر للانسحاب من السباق بعد أداء متعثر في مناظرة شهيرة أمام ترامب، وسط اتهامات بتراجع قواه الصحية والإدراكية، مع تلميحات حول ما إذا كانت دائرته المقربة قد أخفت معلومات عن عدم لياقته لخوض الانتخابات.

في فبراير/شباط 2024، أصدر طبيب بايدن ملخصاً عن صحته بعد فحص سنوي، أعلن فيه عدم وجود أي مخاوف جديدة، مؤكداً أن الرئيس لا يزال لائقاً لأداء مهامه، ولم يذكر الملخص أي مشاكل في البروستاتا، كما لم تشر الملخصات السابقة من فترة رئاسته إلى أي مشاكل.

وبحسب بعض المتخصصين، فإن فشل فحوصات البروستاتا السابقة أثناء رئاسة بايدن في إظهار مؤشرات السرطان ليس مفاجئاً، بل يحدث في كثير من الأحيان، حيث يحتاج الأطباء إلى فحوصات أكثر دقة لاكتشاف المرض.

ويقول أحد المتخصصين لصحيفة نيويورك تايمز، إن بايدن ربما خضع لفحص (PET) الذي أظهر انتشار السرطان، مضيفاً أنه ليس من المستغرب أن الفحوصات السابقة لم تكشف عن أي مؤشرات، وأن ذلك يحدث دائماً.

كما يؤكد المختصون أنه لا يوجد تأكيد علمي على وجود صلة بين سرطان بايدن والزلات اللفظية والجسدية التي أثارت تساؤلات العام الماضي حول قدرته على الترشح لفترة رئاسية ثانية.

ـ ما هو غليسون 9؟

يُعتبر سرطان البروستاتا من أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، خاصةً كبار السن، ورغم أنه ينمو ببطء عادةً وقد لا يُسبب ضرراً خطراً في البداية، إلا أن بعض أنواعه قد تكون أشد عدوانية وتنتشر بسرعة إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك العظام.

وقد أعطى تقرير علم الأمراض لسرطان بايدن درجة غليسون 9، حيث يُعتبر 10 هو أعلى رقم ممكن، ومقياس غليسون هو نظام تصنيف لسرطان البروستاتا، ويشير ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأمريكية للسرطان، إلى أن درجة غليسون تعكس مظهر الخلايا تحت المجهر، حيث تشير الدرجة المرتفعة إلى أن العديد منها يبدو خبيثاً ولا يشبه خلايا البروستاتا الطبيعية.

ـ ما مدى خطورة الإصابة؟

يؤكد داهوت أنه بمجرد أن ينتشر السرطان إلى العظام، لا يُعتبر عادةً سرطاناً قابلاً للشفاء، رغم وجود علاجات فعالة جداً يمكن أن تعالج السرطان، وعادةً ما يُعالَج المريض بعلاج هرموني يمنع إنتاج هرمون التستوستيرون، الذي يُساعد على نمو السرطان، ويقول: «بالتأكيد، يمكنه العيش لسنوات عديدة مع هذا العلاج، بينما في الحالات الأكثر خطورة، يعيش المريض أقل من عام، بينما المتوسط من 3 إلى 5 سنوات، ولكن هناك تقارير عن أشخاص يعيشون 15 أو 20 عاماً أيضاً، اعتماداً على استجابتهم للعلاج»

وأشار المختصون إلى أنه بالنظر إلى سن بايدن وحقيقة أن السرطان قد انتشر بالفعل إلى عظامه، فمن غير المرجح أن يخضع لعملية جراحية.

وفي ظهور له على قناة ABC قبل أيام، نفى بايدن وزوجته جيل أي ادعاء بأن مساعديه أخفوا تدهوراً إدراكياً كبيراً له، حيث قال: «إنهم مخطئون، لا يوجد ما يدعم ذلك»، كما أشار مكتب بايدن إلى أن أيًا من الكتب أو النقاد لم يزعم أن حالة بايدن الصحية أعاقت اتخاذه لأي قرار أو تصرف

يقول السيناتور كريس كونز، وهو صديق مقرب لبايدن ويعرفه منذ سنوات، إن التشخيص كان صعبًا بالنسبة لأولئك المقربين من الرئيس السابق، وأضاف كونز: «سيعتمد على مسار علاجي بدعم كامل من عائلته ومحبيه لتجاوز الأوقات الصعبة»

في عام 2020، كان سرطان البروستاتا ثاني أكثر أنواع السرطان تشخيصًا وخامس أكثرها شيوعًا في الولايات المتحدة، وفقًا للمعهد الوطني للسرطان، كما أنه الأكثر تشخيصاً في 112 دولة والسبب الرئيسي للوفاة بسبب السرطان في 48 من تلك الدول.

قد تشمل الأعراض ألمًا أو صعوبة في التبول، وتكراراً للتبول، ووجود دم في البول، ولكن مع ظهور الأعراض، يكون السرطان عادةً قد وصل إلى مرحلة متقدمة يصعب علاجها.